أكثر كلمة يخافها السوريون بعد الله والمخابرات!! ..
هي ليست الموت ولا عزرائيل .. ليست قذيفة ولا صاروخ ولا مفخخة .. هي بحد ذاتها حرب جرثومية مستقلة .. الناس أساسها وضحيتها .. وقودها مقدرات البلاد ومعيشة العباد .. فمن هي وما سيرتها الذاتية ؟. هي واضحة فاضحة وأساس مشاكلنا في النقل والكهرباء والمحروقات والمياه والتعليم والغذاء والمحاصيل والسلع المحلية والمستوردة وووو.. هي وراء جوع أطفالنا ورحيل شبابنا وموت أحلامنا .
إنها مفرد صفقات .. هي "الصفقة" التي ولادتها تشبه إنجاب مولود الحرام .. أمها الظروف وهوية أبوها مكتوبة هناك بين المال والكراسي .. مكتوبة على الأكفان بماء الفودكا .. هوية تؤكد أنه فقط عندما ينحسر المد تكتشف من كان يسبح عارياً .. تؤكد أنه لا يوجد شيء في العالم يفسد الأخلاق أكثر من غياب القانون.
ولادة صفقة جديدة تبدأ بخلق أزمة في مجال ما .. يتبعها بثّ مجموعة من الإشاعات والتبريرات التي تلعب على وتر الظروف المحلية والإقليمية والعالمية والحصار والعملة الصعبة ووو .. ثم تصريحات رسمية وخاصة بمثابة جس نبض الشارع لإثبات أن المال والمنصب مثل الأشعة السينية تكشف كل ما خفي في تركيبة الإنسان .
إن كان هناك صمت وخنوع يعني أن عملية "الحمل "جيدة ويصدر قرار أولي تليه قرارات داعمة حتى يصبح ملزماً في تأكيد لحقيقة أن الغبي الحقيقي هو الذي يُعامل الناس على إنهم أغبياء لمجرد إنه لا يفهم أو لا يريد أن يتفهم موقفهم أو رأيهم .. أما إذا تعالى صراخ الشارع على غير العادة فيتم سحب القرار بهدوء تحت غطاء تبريرات مضحكة وكأن شيئا لم يكن .. لكن إن كان أصحاب "الصفقة" من مرتبة حوت أزرق حينها لن ينفع الصراخ ولا قيام الليل والنهار فالأمر قد انتهى وعلى الجميع التسليم بمشيئة أنصاف الآلهة .. حينها على الجميع التسليم أن الحقيقة قوية لكن المال والنفوذ أقوى بكثير.
قصة الصفقات في بلادي تذكرنا بمعادلة كتبها دوستويفسكي في رواية الشيطان مفادها .. يعتمد تقبل الناس لرأيك على مقدار ما تملك ويتناسب طرديا معه لذلك إن كنت فقيراً فالصمت أفضل بكثير , أما إذا كنت تمتلك المال والكثير منه وتعمل لاكتساب المزيد فتكلم والكل يسمعك .
الساعة 25: نضال فضة