#الساعة_25:سهيل حاطوم

شهد القطاع الصحي خلال سنوات الحرب تسرباً كبيراً في صفوف الكوادر الطبية والتمريضية , إلا أن هذا التسرب تصاعدت وتيرته في الآونة الأخيرة مع تقديم العشرات إن لم نقل المئات استقالاتهم, ما جعل معظم المشافي والمراكز الصحية مهددة برحيل الكوادر التمريضية المؤهلة, الأمر الذي يقرع ناقوس الخطر , خاصة وأن التمريض الذي يشكل العمود الفقري للقطاع الصحي .

الاستقالات التي تصاعدت وتيرتها لم تأتِ من فراع ,وإنما جاءت نتيجة لجملة من الصعوبات والمعوقات التي تعترض عمل الكادر التمريضي والتي لم تجد سبيلها للحل طيلة الفترة السابقة, وفي مقدمتها الحرمان من أبسط الحقوق في الحوافز وطبيعة العمل التي يفترض أن تكون 75 بالمئة أسوة بالعاملين في المهن الأخرى من مخدرين ومعالجين وأطباء تخدير وأسرة وطوارئ وسواهم , ما جعل هذه الفئة تشعر بالتهميش والإجحاف وعدم الإنصاف, بالإضافة إلى المعاناة من الضغوط الكبيرة خاصة في ظل وباء كورونا والتعب والسهر والإرهاق والعدوى والتعامل الفظّ من المرافقين وقلة الاحترام لهم وعدم السماع لمطالبهم المحقة.

أضف لذلك غياب التوصيف الوظيفي لمهنة التمريض ووعدم تحديد مهام الممرض وواجباته , وكذلك عدم تشميل الممرضين بالوجبة الغذائية رغم أنهم يقومون بأعمال خطرة , وعدم الالتزام بتوظيف الكوادر من خريجي كليات ومدارس التمريض والمعاهد الصحية .

وبالرغم من صدور المرسوم رقم ٣٤٦ لعام ٢٠٠٦ والذي يشمل التمريض ضمن الأعمال والمهن المجهدة والخطرة بمن فيهم الذين هم على تماس مباشر مع الدم البشري والعاملون في غرف العمليات وغرف المخاض وفي أقسام الإسعاف والطوارى والعناية المشددة ومخابر التحاليل الدموية في المشافي وبنك الدم والمراكز والمستوصفات الصحية , إلا أن الممرضين لم يستفيدوا بعد من أحكام هذا المرسوم .

كما لم يتم تفعيل نقابة التمريض رغم صدور المرسوم رقم 38 لعام 2012 ولم يتم إقرار النظام الداخلي والمالي لها , ولم يتم انتخاب نقيب للممرضين , وبالتالي لم يتم بعد كل هذه السنوات إحداث نقابة لتطالب بحقوق هذه الشريحة وتهتم بشؤون العاملين تحت مظلتها وتحقق لهم الضمان الاجتماعي في حالات الشيخوخة والمرض والحوادث والعجز , إلى جانب عدم اكتراث وزارة الصحة لكل الكتب والمراسلات التي أسلها مكتب نقابة عمال خدمات الصحة للجهات المعنية بهذا الخصوص.

كل هذه الأسباب دفعت بالمئات من الكوادر التمريضية إلى تقديم استقالاتها والهجرة للعمل في الخارج, حيث تشير مصادر إلى تسرب حوالي ٥٠ بالمئة من الكادر التمريضي في مشفى الاطفال بدمشق على سبيل المثال خلال الأزمة , ووصول نسبة التسرب في الكوادر التمريضية من القطاع الصحي في سورية لأكثر من 40 في بالمئة.

وكان مدير صحة السويداء السابق أكد في تصريح له أن القطاع الصحي يترنّح أمام التسرب الهائل في الكوادر الطبية والتمريضية, لافتاً إلى أن القطاع الصحي في المحافظة مهدد بالإفراغ من كوادره .

كما أشار إلى أن 354 من الكادر التمريضي سحبوا شهاداتهم للسفر إلى أربيل والصومال وسواها , إلى جانب وجود عشرات الاستقالات وطلبات إنهاء الخدمة في صفوف الكادر التمريضي. داعياً إلى ضرورة الإسراع باتخاذ إجراءات و قرارات سريعة لدعم كوادر القطاع الصحي للحيلولة دون توقف الخدمة الطبية جراء النقص الكبير في الكوادر الطبية والتمريضية في المشافي العامة والهيئات في المحافظة و خاصة مشفيي سالة و شهبا, ومطالباً في القوت نفسه بإعادة دراسة التشريعات التي تعرقل تقديم الخدمات الصحية لإنقاذ الوضع الصحي ,و حماية مقدمي الخدمات الصحية وبخاصة العاملين في أقسام العزل والذين يتعرضون للشتيمة وأحياناً للتهديد بالسلاح رغم معاناتهم وتعاملهم المباشر مع مرضى كورونا.