بيع المحروقات بالسعر الحر لم يغلق السوق السوداء والتجربة تقول استعدوا لعتبة جديدة
الساعة 25:طلال ماضي
بعد أسبوع من بدء وزارة النفط والثروة المعدنية بيع مادتي المازوت والبنزين بالسعر الحر علناً عبر لافتات كبيرة أمام محطات الوقود بسعر ليتر المازوت ١٧٠٠ ليرة، وليتر البنزين ٢٥٠٠ ليرة، و عبر ٣٢ محطة محروقات في ١٠ محافظات، يبقى السؤال هل أغلقت الوزارة السوق السوداء للمحروقات ؟، بكل بساطة لم تغلقها .
المصادر الحكومية الرسمية جداً في قراءتها لظاهرة السوق السوداء للمحروقات ترى أن هناك مصدرَين رئيسَين للمحروقات في السوق , التهريب وقد تراجعت نسبته كثيراً , ومؤسّسات الدولة ذاتها التي يتمّ تهريب المحروقات المدعومة منها أو سرقتها بطرق تبدو في الشكل مشروعة لكنها في المضمون عمليات فساد وسرقة.
قلة الكميات الموزعة والمحددة ٤٠ ليتراً من المازوت لا تكفي سيارة قلاب ليوم واحد بحسب السائق صالح حميدان وهو يعتمد على السوق السوداء ومستمر بالتعبئة من السوق ويقول صحيح إن سعر الليتر تراجع خلال أسبوع بنسبة 20 إلى 25 بالمئة لكن الطلب على السوق السوداء مازال مرتفعاً.
شركة المحروقات الخاصة «BS»، المملوكة لـ«مجموعة قاطرجي»، سارعت إلى إعلانها أنها توفّر المازوت بالسعر الذي حدّدته الحكومة، وأنه ما على الصناعيّين سوى تسجيل طلباتهم في غرف التجارة والصناعة للحصول عليه، لكن بعض الصناعيين راجع غرف التجار والصناعة ولم يحصل على المادة، علما أنه كان يحصل عليها من قبل شركة محروقات، ولم يجد أمامه سوى السوق السوداء لتسيير أعماله.
الشركة نفسها قبل عام عدّلت سعر المازوت الصناعي وكان يباع للصناعيين بـ 650 ليرة، لكن بعد حوالي العام عاد التجار ليشتروه بسعر بين 3500 و4000 ليرة، ما يجعلنا نسأل حول قدرة الحكومة على توفير المادة للمستهلكين بشكل مستدام حتى لو كان بالسعر الحر، وعلى ما يبدو حتى الآن أن النقص لم يسد والسوق الحرة لم تغلق صحيح تراجع السعر لكن الطلب مازال في ذروته، وما نخشاه الذهاب إلى عتبة جديدة في أسعار السوق السوداء .
في الموازنة العامة للدولة ارتفع حجم دعم المحروقات بنسبة 42 بالمئة، من 2700 مليار ليرة في عام 2021 إلى 5529 مليار ليرة في عام 2022، ومع ذلك تم بيع كميات كبيرة بالسعر الحر ما يؤشر إلى مزيد من الارتفاعات القادمة، قد تكون معدة بمذكرة عمل وسلمت إلى من يهمه الأمر من أجل أن تلحظ في موازنة الحكومة .
الأستاذ الجامعي الدكتور ولاء زريقا اعتبر في تصريح خاص "للساعة 25" أن طرح مادة المازوت بالسعر الحر هو إجراء صحيح للقضاء على السوق السوداء، ومحاولة للتحرير الاستراتيجي للأسعار وخاصة المحروقات خلال فترة زمنية قد تكون بعيدة نوعاً ما، أملاً أن تكون هذه الخطوة نهاية تجارة المحروقات بالبيدونات وتوفير المادة بالسعر الحر لمن يطلبها .