"كائناتُ الخراب" تُرتِّبُ أفكارَنا برؤيةٍ جديدة
السويداء25- ريمه عماد:
بعد ثمانِ سنواتٍ مرَّت على الانتهاء من كتابتها؛ "كائناتُ الخراب" للكاتبِ السُّوريّ "محمد رضوان" تصدرُ قبلَ أيام.
روايةٌ أدبيّةٌ التفَّ كاتبُها على بعضِ المعاني الكلاسيكيّة ووضعَها في منحى آخرَ ترَكَهُ في عُهدة القارئ ليَسْبِرَ رُموزَهُ وما فيه من معانٍ ودلالاتٍ عميقة، ويَخلُصَ منها إلى ما يوسِّعُ مدارِكَه وينفضُ الغبارَ عن ذاكرتِه فيبعثُ فيها الهواءَ كما لو أنَّه يُعيدُ خَلقَها من جديد.
تُعرِّي "كائناتُ الخرابِ" الواقعَ من قناعِه عبرَ سردِ تفاصيلَ شبهِ يوميّة لأسرةٍ مُشرّدةٍ وموزّعةٍ في أصقاعِ الأرضِ، لا يعرفُ فيها فردٌ عن آخر شيئاً؛ وهنا تكمنُ المأساةُ وتستمر!
تعالجُ الرِّوايةُ الخرابَ الدَّاخليَّ للإنسان "خراب الروح"، ثم ترصدُ بطريقةٍ رشيقةٍ الخرابَ الماديَّ الأكبرَّ -نتيجة الأول- وانعكاساتِه على الأسرةِ والمجتمع؛ تاركةً الفضاءَ للقارئ ليطوفَ مع الشُّخوصِ ويعيشَ مُعاناتِها قبلَ أن يُدرِكَ بنفسه أنَّ المَطافَ سينتهي بكليهما إلى نقطةِ اللاشيء.
عنها يقولُ أحدُ المخضرمين: (اعتقدنا أنَّ "محمد رضوان" لم يتبقَّ في جُعبَتِه ما يقدِّمُه لنا بعد "أعمدةِ الغبار" و"زائر الليل" و"البراري"، لكنَّهُ فاجَأنا هنا بشيءٍ مُختلفٍ تماماً عمَّا قدَّمه من قبل).
وفي سؤالنا الكاتب عن السَّوداويةِ الظاهرةِ في الرواية، قال:
"رُغْمَ النَّفَسِ السَّوداويِّ الواضحِ ظاهرياً، إلا أنَّ المُدقِّقَ في تفاصيلِ الأحداثِ وتراتُبيَّتِها يرى أنَّ كائناتِ الخراب؛ والذين هم في الأصلِ مُخَرَّبون داخليّاً نتيجةَ سوداويّةِ واقعهم أولاً، ونتيجةَ التَّفاصيلِ التي عايشوها ثانياً، يراهم في حالةٍ من الكفاحِ اليوميِّ لتحقيقِ الذَّاتِ، والوصولِ إلى بارقةِ أملٍ تُغَيِّرُ مجرى حياتِهم نحو الأفضل...
كائناتُ الخرابِ لم تكن متخاذلةً يوماً، بل ظلت تبحثُ عن النّورِ والأملِ والحياةِ الكريمة، فتصطدمُ بجدرانِ العتمةِ واليأسِ والفقر...
لستُ سوداوياً، وليست كائناتُ الخرابِ كذلك ..
ربما كُنَّا مجروحين من الدَّاخلِ، نعم ... لكننا ندعو إلى التَّمسُّكِ بالأملِ فإننا محكومون به، وإلى خلقِ الفرح من اللاشيء فبدونِه لا تُعاشُ الحياة".
وعن الرواية يقول فواز عزام صاحب دار هدوء للنشر: "عند الانتهاءِ من قراءةِ الرِّوايةِ فإنَّكَ تَرصُدُ داخلكَ صِراعاً بين أمرين؛ كميةِ اليأسِ والوجعِ المُحَمَّلةِ للمضمون، والسَّلاسةِ وعدمِ الثِّقلِ في الشَّكل .. نعم؛ لقد نجحَ محمد رضوان بذكاءِ الخبيرِ أن يُوَفِّقَ بين مُكوِّناتِ الرِّوايةِ لتخرُجَ لنا مُكتملةً على هذه الهيئة، "كائناتُ الخرابِ" رؤيةٌ لمُستقبلٍ حين كُتِبت، وضميرٌ للحاضرِ حينَ نُشرت".