السوريون في الخارج يعانون والمصارف السورية بانتظار أموالهم
السويداء25- الوطن:
أدت الحرب التي شنت على سورية إلى هجرة أموال السوريين، وبعد ثماني سنوات من الحرب وبدء عودة الأمن إلى سورية وانتصارها على الإرهاب؛ آن الأوان لعودة رأس المال الباحث باستمرار عن الاستقرار، إذ ثبت، وسوف يثبت أكثر للجميع؛ أن سورية ستبقى الأكثر أماناً في المنطقة بالنسبة لرؤوس الأموال على أقل تقدير.
رغم الحرب التي لم يسبق لها مثيل على المستوى الأمني والعسكري والاقتصادي، فإن المصارف السورية لا تزال صامدة، وتعمل وتنتج وتحقق الأرباح، ولو نسبياً، والأهم من كل ذلك أنها لا تزال توفر الأمان لأموال المودعين السوريين.
خلال السنوات الثماني التي مضت، لم تتعرض المصارف السورية إلى أي خلل واضح في عملها، ولم تتوقف يوماً عن مزاولة نشاطاتها، ولم تعانِ من انسياب السيولة لناحية الإيداع أو السحب، بشكل حاد أو مستمر، حيث أثبتت قدرتها على تنفيذ السياسات النقدية، إن كانت انكماشية أو توسعية، دون التعرض لمطبات خطرة، ونجحت بشكل ملفت للنظر بوضع الضوابط اللازمة لتلافي جميع المخاطر، وهذا يعتبر نقاط قوة بالنسبة للمصارف السورية، والتي من المفترض أن تكون نقطة اهتمام بالنسبة للسوريين المقيمين خارج البلاد، وبالنسبة للمستثمرين السوريين الذين نقلوا نشاطات أعمالهم لخارج سورية.
تلك الإيجابيات، وعلى الرغم من الحرب؛ تستحق أن تدرس، وتشجع السوريين المقيمين في الخارج ليعودوا بأموالهم وودائعهم للمصارف السورية، وليجدوا الحل لأنفسهم للخروج من معاناتهم مع مصارف دول إقاماتهم، التي غالباً ما تفرض شروطاً قاسية عليهم، أو إنها تمتنع عن فتح حسابات لهم بحجة العقوبات، مما يؤكد في جانب آخر، أن العقوبات فرضت على الشعب السوري وليس على الدولة السورية ومؤسساتها فقط.
رغم نقاط القوة العديدة بالنسبة للمصارف السورية، إلا أن العمل على تشجيع السوريين في الخارج لنقل ودائعهم وأعمالهم إليها لا يكفي، حيث يلقى على عاتق السلطات النقدية تقديم المحفزات التي من شأنها تشجيعهم على ذلك، فما ننتظره من السلطات النقدية في سورية ترجمة واقعية وعملية لما أعلنت عنه سابقاً من آليات نقدية وقرارات جاذبة بما فيها (أسعار الفائدة– شهادات الإيداع– والصكوك الإسلامية… إلخ) وتحضير توقيت إطلاقها بما يتوافق مع تطلعات السوريين والمراقبين للاستثمار في سورية.
هناك تقصير أيضاً في الترويج للقرارات الناظمة للقطع الأجنبي، فمعظم السوريين المقيمين والمغتربين لا يعلمون أن بإمكانهم فتح حسابات بالقطع الأجنبي، وأن بإمكانهم سحب أموال هذه الحسابات بنفس العملة، كما يمكنهم استقبال حوالاتهم أو إيداعاتهم بالعملة الأجنبية، وإعادة تحويلها أو سحبها بنفس العملة.
الكثير من السوريين لا يعلمون أن بإمكانهم إدخال المبالغ التي يرغبون بها إلى سورية وإيداعها في حساباتهم، فالموضوع بسيط، وإجراءاته مشابهة لإجراءات كل المصارف في العالم، من حيث التصريح على الأموال المراد إدخالها، ويمكن استخدام هذا التصريح في إعادة تحويل هذه الأموال للخارج.
هذا ويقع على عاتق مصرف سورية المركزي الذي نجح في تثبيت واستقرار سعر الصرف وإثبات ملاءة المصارف السورية أن يؤكد ويروج لقدرة المصارف على استيعاب المزيد من الودائع وإيجاد أسلم الطرق وأفضلها لتوظيف الأموال التي بدأت تتزايد تباشير عودتها مع المغتربين القادمين من الخارج.
ونتيجة لمعايير مصرف سورية المركزي التي صدرت في العام الماضي والتي ساهمت بشكل عميق في ضبط مخاطر التسليف؛ زادت ملاءة القطاع المصرفي ومتانته، بدليل زيادة الإيداع فيها والتسليفات منها.
فما يجب أن يعلمه المقيم في الخارج وحتى السوريون في الداخل أن أهم نتائج هذه المعايير أنه في العام 2017 كان فائض الحد الأدنى للسيولة هو 350 مليار ليرة سورية، وأصبح لغاية تاريخه 1350 مليار ليرة سورية، ما يشير إلى ارتفاع قدرة المصارف على التسليف، ويؤكد متانة وضعها النقدي، كما يشير أيضاً إلى مدى الثقة بالعملة السورية ومدى ثقة المواطن السوري بالمصارف السورية الذي استفاد من ودائعه في السنتين الماضيتين، ليس فقط لجهة الفائدة، وإنما أيضاً لجهة تحسن سعر صرف الليرة السورية حيث حققت ارتفاعاً ملموساً.