سوق القمح .. حكايةٌ قديمة بأثوابٍ جديدة
السويداء25- مجدي معروف:
لسوق الحبوب القديم صفاته التي تميزه عن الأسواق الحديثة في مدينة السويداء فهو نواة السوق القديم الذي رافق التطور من حيث البضاعة وتنوعها وبقي يحافظ على إسمه .. ليكون "سوق القمح" الاسم القديم الحديث له ..
حيث ترتسم في ذاكرة كل من زاره أبنيةٌ حجريةٌ وخانات قديمةٌ من جهة، وأبنيةٌ حديثةٌ وساحةٌ احتلت زاويةً منها لوقت ليس بالبعيد شاخصةٌ كتب عليها "ممنوع وقوف الطنابر" أي العربات التي كانت تنقل البضاعة في الزمن القديم، إضافةً للقناطر والأدراج القديمة في الخانات التي تعتبر إحدى معالمه، كما نجد بقايا كلمة "بيطار الخيول" مكتوبة فوق قوس الخانات.
بقي السوق مقصداً لكثيرٍ من الناس لشراء الحبوب وبعض المنتجات الزراعية الأخرى لفترةٍ طويلة، والآن أصبحت تندمج معالم سوق القمح القديم مع الأبنية المشيدة حديثاً ليغدوا بذلك وكأنه عروس تجمع في عرسها تقاليد الأجداد وحداثة الأحفاد التي يُخشى أن تمحو يوماً ما جمال الماضي العريق.
يقول "عاطف سلمان بلان" صاحب محل للأدوات الصحية وهو إبن أحد أقدم تجار السوق "ورثنا هذا المحل أنا وأخوتي أباً عن جد وجدنا ورثه عن أبيه على أيام الاحتلال العثماني حيث كانت تباع في السوق الحبوب بمختلف أنواعها كالقمح والشعير والحمص والعدس والبرغل، ومع الزمن دخلت الحدادة العربية والإفرنجية عليه ثم تغيرت معالمه تدريجياً فأصبح يضم محلات تجارية متنوعة منها المواد الغذائية والعصرونية والعطارة ومواد البناء وغيرها ورغم ذلك ظل محافظاً على اسمه التاريخي (سوق القمح)"
وأشار مدير الآثار في السويداء الدكتور نشأت كيوان أن سوق القمح من أقدم الأسواق التجارية في السويداء، حيث يكتسب الصفة التراثية لكونه يقع في مدينة السويداء القديمة ويحيط به عدد من المباني الأثرية من الغرب باتجاه الكنيسة الصغرى وأكروبول المدينة القديمة، ويجاوره من الشرق سوق الحمزات ذو الصبغة المعمارية الفرنسية في الجزء الشمالي من هذا السوق، وأضاف كيوان يعتبر هذا السوق أهم الأسواق لما له في الذاكرة الجمعية لأبناء المحافظة من خصوصية تجارية وتراثية.
وهذا ما بيّنه مصدرٌ في غرفة التجارة والصناعة في السويداء حيث أكد على الرمزية التاريخية والاقتصادية للسوق بالنسبة لأهالي المنطقة عندما وصفه بالمجمع الاقتصادي الأول في السويداء.
من جهته قال سلمان جباعي أحد قاصدي السوق "نأسف أن بعض التجار يحاولون تحديث محلاتهم داخل السوق دون المحافظة على معالمه أو الأخذ بالحسبان القيمة الكبيرة في قلوب أهالي السويداء لما يمتلكه من موروثٍ شعبي وقيمةٍ تاريخية لا يمكن أن نجدها في مكانٍ أخر".
لحجارة هذا السوق عبقٌ خاص يحكي قصص الأجداد التي يتوارثها الأحفاد ويشهد على عظمة الحضارات التي تعاقبت على مدينة السويداء، حضاراتٌ وجب علينا حمايتها من الاندثار في هذا المكان .