2019 Apr 22

مبدعون في ذاكرة الجبل ... الشاعر صالح عرابي

الساعة 25- ضحى صالح عرابي:

امتاز بقوة طبعه ودقة حسه وسرعة ملاحظته إضافة إلى فصاحة لسانه وروعة بيانه وكرم ديباجته وذوقه الموسيقي الشعري في ألفاظه وتراكيبه ، قدرته فائقة على تصوير كل ما يجول في نفسه مُجيداً في كل فن من فنون الشعر بفكره الوقاد ، ولغته المعبرة وبلاغته الرفيعة فتراه يلج إلى الشعر من كل باب ويترجم به عن كل خالجةٍ وهو أطوع له من ظله.

إنه الشاعر المرحوم أبو ثاني صالح عرابي، معلم الأجيال، رهيف النصال، غرة الرجال، سيد المواقف، المثقف المعطاء.

ولد صالح عرابي في صلخد عام /1945/ في أسرة عريقة، والده المجاهد المرحوم الشيخ  أبو حسين ثاني عرابي شاعر من شعراء الثورة السورية الكبرى وأحد رجالها الشجعان، جدّه وعمه شهيدان في معركة الكفر عام /1910/ ضد حملة سامي باشا التركي، مارس مهنة التعليم لمدة / 38/ عاماً كان من خلالها معطاءً ومربياً فاضلاً علّمت أصابع حبّه في قلوب طلابه ومن عرفه.

عاش الشاعر صالح عرابي في كنف أبيه واستقى من منهله الأخلاق الحميدة والمكارم المعروفية الأصيلة من شجاعة ونخوة وحماس وشحذ الهمم وتقوية العزائم وحب الأرض فكان الفلاح الدؤوب الذي أختلط عرق جبينه بحمرة تراب أرضه وكأنما أخذ منها عبق الماضي وتاريخ الأجداد.

ومن ديوان أبيه العامر بفوح البن وبنغم الربابة وزمجرة المجاوز استقى شعره الأصيل وقد بدأ بنظمه في العاشرة من العمر ضرب في الإجادة به بسهم وافر وانقاد إليه من المعاني الأدبية والقوافي الصعبة وهو في صحوة عمره وإن الواقف على شعره ليرى من جزالة اللفظ ومتانة التأليف والمعاني الغضة ما ينم عن موهبةٍ فذة وقريحةٍ مطواعة وحَذقٍ في صناعة الشعر فكان الشاعر الحكيم، القاضي، المعلم، والفلاح.

عاش هذا الخلط الإبداعي في شخصيته فبدى انعكاس شعاعها في مرآة قصائده، وعانى الكثير في حياته من الفقر وشظف العيش والصعوبات ولكن لم تزد منه إلا عزماً وثباتاً، شق دربه بإرادة لا تلين وصبر لا ينفذ وعشق فريد للاطلاع والإبحار مع الكتاب في كل اتجاه، حيث شيد لذاته صرحاً من الفكر ونهراً من الثقافة ، واقفاً شامخاً بالمعرفة والتذوق الأدبي والتقرب الحميم من كنوز الأدب والمعارف والتراث.

يعتبر شعر عرابي سجلاً للأحداث وبوابة نطل منها على تاريخ الأجداد فقد سجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه وصاغ منها أدباً قيماً يحث النفوس ويحاكي الضمائر، وظل محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم.

بتاريخ 21/1/2018  أشرفت رحلة صالح عرابي على نهايتها وأذنت شمسها بالغروب بعد ما يقارب /73/ عاماً كانت حافلة بألوان البذل والعطاء لفائدة المجتمع فكان جديراً بالتكريم والتقدير والعرفان على مدى الأيام.