2022 Sep 02

المسؤول الحقيقي لا يسمح بوجود بطانة سيئة ..

" قُل لي من حولك اقل لك من أنت" .. هذا ما يتفق عليه غالبية الناس .. يتفقون على أن مشكلة الكثير من الكراسي في بلدنا تكمن في "البطانة" التي تلجأ بطريقة أو بأخرى ولأسباب لا تخفى عن أحد إلى "تخدير" و إبعاد "المسؤول" عن الحقيقة.. وكأن المطلوب عدم التحدث عن المفقود حتى لا يتم فقدان الموجود , وكأنهم يقولون لنا كونوا صامتين فالصمت أبداً لا يخون .

شائعة منخفضة التوتر عن تغيير مُحتمل " للطرابيش" كفيلة بإيقاظ مؤقت للكثير من تلك الكراسي "النائمة" بفعل فاعل .. كراسي تستنفر فجأة مواكبها وتنطلق برفقة الكاميرات وتُجار الكلام لتقديم عروضها "الكوميدية التراجيدية" مباشرة من جبهات العمل التابعة لجغرافيا تواقيعهم .. استنفار يُؤمن بإمكانية خداع بعض الناس كل الوقت وهؤلاء من يجب التركيز عليهم .

اللقطة الأبرز في هذه العروض حين يقوم "المسؤول" الزائر لمؤسسة ما بالطلب من كوادرها الإفصاح عن مشاكلهم بحضور إدارات فارغة تفرعنت بفعل الفساد وغياب القانون والرقابة ودعم أعمى من مواقع أثبتت أنها غير مسؤولة . غريب أمر كاتبي ومخرجي هذا المشهد .. كيف يمكن لموظف بسيط مغبون أن يشكو مظالمه أمام المسؤول بوجود إدارات تفتقر لأدنى مستوى من النضج الحواري النقدي البناء .. إدارات تُشخصن أي موقف وتعتقد أن أي وجهة نظر مخالفة لقراراتها أو لسلوكها الإداري هو تمرد وظيفي هدّام أو خيانة للمؤسسة توجب إقامة الحد.

الموظف في هذه "المسرحيات" أمام خيارين أحلاهما مُرّ .. إن أفصح عن مظالمه أو الحقيقة فهو لا محال أمام حرب خفية أو معلنه بعد مغادرة "المسؤول" الزائر , وإن سكت فهذه علامة الرضى وسيضيع حقه وحق زملائه , بل وقد تتسع المظالم إلى درجة اللاعودة .

هناك من يرى أن الوزير أو المسؤول الفلاني يتصرف تجاه المؤسسات التي يتسيّدها وفقاً للمعلومات الواردة إليه عبر قنوات يُقال إنها أساس المشكلة .. معلومات غالباً ملونة مفبركة مسبوقة الدفع لتتوافق مع مصالح بعض الطحالب والثعالب . لكن هناك من يعتقد أن ذلك غير مُقنع لأنه إذا كان "المسؤول" غير قادر على معرفة حقيقة ما يجري فهو غير أهل للمسؤولية المؤتمن عليها , وإن كان يعلم ولا يتصرف بالشكل المطلوب فتلك كارثة أكبر .

بل هناك من يرى أن "المسؤول " الذي يريد فعلاً معرفة الحقيقة لن تعييه الحيلة فهناك الزيارات المفاجئة بدون صخب إعلامي وقوامها لقاء عاملين من تلك المؤسسات بشكل مفاجئ وعشوائي وإفرادي بعيداُ عن حتى المقربين منه , كما يمكنه أن يطلب من العمال كتابه الواقع و مظالمهم على أوراق يجمعها منهم بنفسه ولا يطلع عليها سواه ..

المسؤول الحقيقي يمكنه بطريقة أو بأخرى استدعاء عدد من الموظفين إلى مكتبه والاستماع إلى أقوالهم بشكل إفرادي وبالتالي الحقيقة ستكون ما تتقاطع عليه تلك الأقوال ..

المسؤول الحقيقي لا يُغلق أبوابه أمام موظفيه أياً كانت درجتهم الوظيفية لأنهم الأهم وأساس وجوده ونجاحه أو فشله .. المسؤول الحقيقي هو ذلك الشخص الخبير الموهوب الذي تنقله أفعاله الحميدة من كرسي إلى أعلى لا ذلك الشخص الذي يتم إخراجه من العلبة إلى الكرسي بجرة قلم ووو .. قال أحدهم .. يمكن أن نخدع كل الناس بعض الوقت , وبعض الناس كل الوقت , لكننا لن نستطيع خداع كل الناس كل الوقت .

الساعة 25: نضال فضة