عندما باعت الحكومة البنزين والمازوت بالسعر العالمي.. وأكثر!!..
هل كانت فرصة لـ “تصحيح” مسار الدعم الحكومي وأضاعتها الحكومات المتعاقبة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد نتاج لظروف داخلية وخارجية أتاحت لـ الحكومة في فترة ما بيع المشتقات النفطية للمواطنين وفقاً للأسعار العالمية؟
ربما كانت فرصة وأضاعتها الحكومات المتعاقبة، لو أن المؤشرات الاقتصادية والمعيشية في البلاد بقيت على ما كانت عليه في العام 2014، وهذا بغض النظر عن تقلبات أسعار النفط عالمياً، لكن مع تراجع تلك المؤشرات بشكل كبير خلال السنوات التالية، وتحديداً في العامين الأخيرين، جعل مما حدث مجرد تجربة ساعدت ظروف عدة على تنفيذه لفترة مؤقتة، قبل أن تضطر الحكومة للعودة مجدداً إلى سياسة دعم المشتقات النفطية.
فقد شهدت البلاد خلال الفترة الممتدة من العام 2010 ولغاية العام 2016 ارتفاعاً متزايداً في أسعار المحروقات فرضته ظروف الأزمة وتأثيراتها الاقتصادية، والمتمثلة في تراجع الإنتاج المحلي من النفط، وتقلبات سعر الصرف، والعقوبات الخارجية وغيرها. ففي العام 2010، أي قبل بدء الحرب بعام واحد، كانت مادة المازوت تباع محلياً بنحو 20 ليرة لليتر الواحد، والبنزين 44 ليرة، وأسطوانة الغاز المنزلي (12 كغ) بحوالي 250 ليرة، وخلال الفترة بين عامي 2010 و2012 تقلب سعر مادة المازوت بين التخفيض تارة والزيادة تارة أخرى، حيث تراوح سعر الليتر الواحد بين 15 و25 ليرة. لكن مع بداية العام 2013 بدأ مسلسل الارتفاع المستمر حتى الآن، إذ جرى بداية رفع السعر آنذاك من 25 ليرة إلى 35 ليرة لليتر الواحد، في حين أن الارتفاع الأضخم كان في منتصف العام 2013، حيث ارتفع سعر الليتر من المادة المذكورة إلى 60 ليرة أي ما نسبته 140%، ثم إلى 80 ليرة في شهر تشرين الأول من العام 2014، وإلى 125 ليرة في العام 2015، فإلى 130 ليرة، ولاحقاً إلى 135 ليرة، وذلك قبل أن يرتفع إلى 180 ليرة في حزيران 2016، وهذا يعني أن نسبة زيادة سعر مادة المازوت خلال السنوات الست الأولى من عمر الحرب وصلت إلى 1100%.
أما فيما يتعلق بمادة البنزين، فإن أول ارتفاع سجل على سعر المادة كان في آذار من العام 2012، حيث ارتفع سعر الليتر من 55 ليرة إلى 65 ليرة، ثم وصل إلى 80 ليرة في شهر أيار من العام نفسه، ولاحقاً بلغ حاجز 100 ليرة.
وعاد الارتفاع من جديد ليطال سعر المادة في العام 2014، وليسجل 120 ليرة، ثم 140 ليرة، وذلك قبل أن يجري تخفيض سعر المادة لأول مرة منذ عقود، حيث جرى في شهر تشرين الأول من العام 2014 تخفيض السعر من 140 ليرة لليتر الواحد إلى 135 ليرة، وليُخفض مرة ثانية من 135 إلى 130 ليرة في كانون الثاني 2015، وذلك نتيجة انخفاض أسعار المادة عالمياً، لكن في حزيران من العام نفسه عاد سعر المادة ليرتفع من جديد مسجلاً بداية 150 ليرة، ثم 160 ليرة في آب من العام نفسه، و225 ليرة منتصف عام 2016.
وبحسب مسؤول نفطي سابق فإنه خلال “الربع الأخير من العام 2014 بدأت الحكومة آنذاك تبيع المحروقات، وخاصة مادتي البنزين والمازوت بسعر التكلفة، ساعدها في تطبيق ذلك انخفاض أسعار النفط عالمياً، والتي سجلت مع نهاية العام 2014 حوالي 55 دولاراً للبرميل الواحد، واستمر ذلك الانخفاض ليصل إلى ما دون 39 دولاراً للبرميل في العام 2015، وخلال تلك الفترة كانت أسعار المحروقات محلياً تباع غالباً بأعلى من سعر التكلفة”.
ويضيف إنه: “خلال فترة بيع المشتقات النفطية بسعر التكلفة تم تخفيض سعر مادة البنزين مرتين بسبب زيادة هامش الربح، ولإعطاء مصداقية لعملية البيع بأسعار التكلفة، والمرتبطة عملياً بأسعار النفط عالمياً”.
أثر برس