2022 Mar 10

لعنة الكراسي ومهزلة اهداء وتوزيع المناصب و زراعة الولاءات !!..

الساعة 25 : نضال فضة

يُقال أن أول طرق معرفة ذكاء وكفاءة "المسؤولين" هو أن تنظر لمن حولهم .. عندهم و حولهم توجد كلمات السر لأهم أسباب الأزمة ولأساس معاناة الناس .. عندهم وحولهم تستطيع معرفة كيف تصل بعض الرؤوس الفارغة الى مواقع المسؤولية .. كيف يمكن أن تتحول الضفادع الى حيتان .. عندهم وحولهم تتأكد أنه ليس بالضرورة أن تكون عميلاَ لتخدم اعداء البلد وإنما يكفي أن تكون مسؤولاً غبياً احمقاً فاسداً.

هي مهزلة زراعة الولاءات في المؤسسات .. زراعة أشبه بعدوان داخلي على بنيان ودور وكفاءات هذه المؤسسات .. عدوان دمّر وخرّب وما يزال يخرب ويؤسس للأزمات .. هي بورصات شبه افتراضية لاختيار وترشيح المناصب ومن ثم اقرار صكوكها .. بورصات اسهمها الكراسي وبوصلتها المصالح الشخصية والمحسوبيات و المال وأحمر الشفاه .. بورصات تؤكد أن الكثير من الناس عندما يصلون الى مواقع السلطة يصبحون شياطيناً.

مهزلة دفعت بالكثير من العقول لترك البلد فيما تتعايش الكفاءات الباقية مع غباء وسلوك رؤساءها في العمل .. كفاءات وبسبب الغبن الذي لحق بها غير مستعدة لتقديم ما لديها من قدرات في مؤسسات محاصرة بأشخاص موتورين اغبياء غير قادرين على ادراك أن المنصب أياً كان هو الكفاءة , وأن الكفاءة هي اليد اليمنى للثروة بينما الاقتصاد يدها اليسرى ..غير قادرين على ادراك أن المنصب لا يعطي امتيازا أو يمنح قوة وانما يفرض مسؤولية .. ادراك أن العامل الرئيسي لنجاح مسؤول ما هو امتلاك قوة التأثير والقدرة على العطاء وخدمة الناس وليس امتلاك السلطة والنفوذ.

بعد أكثر من عقد من المعاناة الحقيقية علينا الاعتراف أن الأزمة التي يمر بها البلد تعود لسببين خارجي وداخلي وأنه لولا الداخلي لما تمكن الخارجي من تحقيق مآربه .. الاعتراف أن الفساد المؤسساتي لجهة مراحل وحلقات التكليف بمنصب كبير ام صغير افشل حلقات البناء الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي وووو واوصلنا الى بنيان داخلي ضعيف المناعة امام جراثيم وفيروسات الخارجي ..

على هذا يصبح من المؤكد أن كل حديث عن الاصلاح واعادة الاعمار مع الابقاء على منظومة العقليات الموتورة المريضة انما هو نقش على الماء .. على هذا يصبح من الضروري أن تكون اول خطوة للنهوض بالبلد خلق بنية مؤسساتية مستقلة ومحررة من كل الضغوط والقيود تضم مجموعة من الكفاءات والخبرات المحترمة والنظيفة بمختلف المجالات والاختصاصات توكل اليها مهمة البحث واختبار واختيار الاشخاص للمناصب الكبيرة والمتوسطة الذين بدورهم سيكونون قادرين على تكليف الاشخاص المناسبين ضمن باقي الهيكلة الوظيفية في مؤسساتهم .

وإن كان هذا الطرح غير ممكن التطبيق بإعتباره لا يناسب مصالح و"عادات وتقاليد " بعض مواقع القرار والنفوذ ممن يصّرون على أن يكون لهم في كل عرس قرص , فلماذا لا يقوم هؤلاء بترشيح اشخاص من ذوي الكفاءات القادرة على تمثيلهم بشكل لائق فضلاً عن القيام بواجبهم بما تقتضيه المصلحة العامة .

بالطبع التعميم المطلق في هذا الملف غير صحيح فهناك بعض الاشخاص

الاكفاء الشرفاء في مواقع المسؤولية , وكما انني لا اعلم كيف وصلوا ايضا لا اعلم إن كان يمكن التعويل عليهم وسط اطنان من " زملائهم "الفاسدين , لا اعلم مدى واقعية جان جاك روسو حين قال : اعطني قليلا من الشرفاء المثقفين وسأحطم كل جيشاً من اللصوص والفاسدين .

بالمحصلة .. مؤسسات البلد تتجه من سيئ الى أسوأ بسبب الاستمرار في انتاج وتقديم نوعية رديئة من الادارات , لكن وبالرغم من كل شيء لابأس من تذكر توماس جيفرسون حين قال : " اذا نشب حريق في بيتنا فعلينا محاولة اطفائه دون السؤال فيما إذا قد نشب من الداخل او من الخارج ".. والتلميح يغني عن التصريح.