2022 Jun 04

لماذا لا يتم التعامل مع امتحانات الشهادات العامة على أنها استحقاق وطني يحتاج كهرباء ؟..

الساعة_25:نضال فضة

"ليش عيونك حمرا ومتورمة " .. هو سؤال بريء طرحه أحد الطلاب على زميل له من أمام أحد مراكز امتحانات الثانوية العامة, والجواب كان" ولاد ** بيجيبولنا الكهرباء كل 6 ساعات أقل من نص ساعة وعم بدرس على ليدات بلا شحن ".

هذه العيون الحمراء ازدادت احمراراً وجحوظاً بعدما علمت أن الكهرباء لا تنقطع طوال الليل وتكون 3 ساعات وصل مقابل 3 قطع نهاراً في مكان سكن زميله .. عيون تدرك أن أسوء شكل لعدم المساواة هو أن نحاول المساواة بين أشياء غير متساوية.. تدرك أن الضحية الأولى للحرب والأزمة كانت "العدالة" التي فقط الفقراء لا يستطيعون الهروب منها..

طلاب ينعمون بالكهرباء ليل نهار وآخرون "يتمتعون" بثلاث ساعات وصل مقابل ثلاث ساعات قطع وآخرون ساعتين مقابل ساعتين , بالمقابل هناك طلاب تمر عليهم كزائر استفزازي نحو نصف ساعة كل 6 ساعات وفي النهاية الجميع عليهم الخضوع لأسئلة موحدة ومعدل قبول جامعي واحد..

ألا يعلمون أنه برفقة العدالة يمكننا اجتياز العالم بينما برفقة الظلم لا نستطيع أن نعبر عتبة بيتنا , أم يعملون بمقولة أن نصف العدالة أنكى من الظلم؟ .

رغم اليقين أن الطالب هو الأساس لكن لا يمكن إنكار العوامل المساعدة بمعنى حين تتوفر الكهرباء هذا يعني إضاءة أفضل , يعني تدفئة وتبريد أفضل يعني شبكة إنترنت أفضل يعني ظروف دراسة افضل , يعني إحساس أنك بني آدم , يعني من المفترض تحصيل دراسي أفضل.

وزارة التربية قُبيل وخلال الامتحانات تكثف على قناتها التلفزيونية الدروس التعليمية لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي ولا أعلم إن كانت بصورة أن هذه الدروس غير متاحة إلا لأبناء المناطق الذين هم بالأساس لا يعتمدون عليها , بالطبع بسبب الكهرباء التي باتت تتبع مناطق المال و النفوذ.

هو سؤال يخطر ببال كل شخص .. كيف تستطيع وزارة الكهرباء زيادة ساعات الوصل خلال الأعياد وبعض المناسبات بينما خلال الامتحانات العامة حيث يخوض الطلاب معركة مع مستقبلهم يصبح تأمين الكهرباء غير ممكن ..

غريب أن يكون لديك "مسؤولين" غير قادرين على لحظ هكذا قضية مهمة ضمن خططهم الافتراضية .. لماذا لا يتم التعامل مع هذه الامتحانات على أنها استحقاق وطني يستحق رصد كل الإمكانات لإنجاحه ؟.

نجاح الامتحانات العامة لا يحتاج رصد مبالغ كبيرة من أجل شراء كاميرات مراقبة افتراضية .. لا يحتاج جولات وزارية استعراضية ووو.. إنما يحتاج كهرباء ووسائل نقل والقليل من الضمير والإحساس بالمسؤولية .

يقال .. إن قيمة الوطن أنك تجد فيه العدالة أكثر من أي مكان آخر.. تجد فيه الحب والاحترام أكثر من أي مكان آخر، وعندما يخلو من كل ذلك يصبح المواطن غريباً.