أكثر من مليون طن قمح خارج مستودعات مؤسسة الحبوب.. وزير الزراعة: الإنتاح 1.7 مليون طن والمسوّق 515 ألفاً
كشف وزير الزراعة محمد حسان قطنا بتاريخ 2022/7/9 أن إنتاج سورية من القمح هذا العام بلغ 1.7 مليون طن، مشيراً إلى أن ذلك الكم من الإنتاج جاء أقل من المتوقع بسبب الظروف المناخية الاستثنائية.
وفي اليوم التالي 2022/7/10 كشف أن الكميات المسوقة من القمح بلغت 515 ألف طن مشيراً إلى أن ذلك الكم من الإنتاج جاء أقل من المتوقع بسبب الظروف المناخية الاستثنائية..!
حسنا، لنفترض أن الكميات المسوقة ستصل إلى 600 ألف طن هذا العام، فهذا يعني وجود كمية 1.1 مليون طن خارج مستودعات مؤسسة الحبوب.. فأين هي..؟
حسب الإجراءات الصارمة ممنوع نقل القمح من قرية إلى أخرى، وتُصادر أية كمية حتى لو كانت قليلة ومخصصة لجرشها أي لتحويلها إلى برغل أو طحنها لاستخدمها في صناعة الخبز في الريف السوري، وبالتالي أين هي الـ 1.1 مليون طن قمح..؟
هل مازالت في منازل المنتجين..أم استقرت في مستودعات تجار القمح، أم تم تهريب بعضها أو معظمها إلى دول الجوار وتحديداً تركيا والعراق..؟
ويمكن أن نفهم من تصريح وزير الزراعة إن الفلاح باع الجزء الأكبر من محصوله لمن دفع سعراً أعلى من سعر الحكومة، وهو اعتراف ضمني بأن الحكومة لو اشترت القمح بسعر أعلى من سعره العالمي وبما يزيد عن تكلفة إنتاجه لتمكنت من استلام كامل محصول القمح أي الـ 1.7 مليون طن..!
وإذا تناولنا المسألة من منظور اقتصادي فإن السؤال: أيهما أجدى بل وأربح للحكومة أن تشتري الـ 1.1 مليون طن بالليرة السورية أم تستوردها بالقطع الأجنبي؟
في حال كنا متفائلين جداً واقتنعنا أن الـ 1.1 مليون طن سيستخدمها السوريون سواء كانت في منازلهم أم في مستودعات التجار فهذا يعني إن إنتاجنا هذا العام من القمح يغطي نسبة 53% من حاجتنا البالغة 3.2 مليون طن سنوياً حسب قول وزير الزراعة، وبالتالي فإن مستورداتنا لتغطية الفرق في موسم 2022 ستكون 1.5 مليون طن وليس 2.6 مليون طن.
وسواء كانت استنتاجاتنا دقيقة أم خطأ بخطأ فهي لا تلغي الحقيقة الساطعة: عمليات استيراد القمح والشعير مستمرة حتى في ذروة الحصاد والتسويق..!
إن إلقاء المسؤولية على الظروف المناخية الاستثنائية لتبرير تراجع الإنتاج غير مجد ولا مقنع، فهذه الظروف على حالها منذ تسعينات القرن الماضي، والفارق إننا في العقود الماضية استثمرنا مواردنا المائية لإنتاج ما يكفينا من سلع إستراتيجية وأساسية، في حين لم تكترث أي جهة بتأمين الريات للأراضي المزروعة بالقمح المروي خلال السنوات الماضية، كما حصل في سهل الغاب هذا الموسم..!
فلتترك الجهات الحكومية الطبيعة جانباً، ولتُجبنا على السؤال: ما جدوى مياه السدود وشبكات الري إن لم تروي مياهها الأراضي العطشى..؟
إن كانت السدود وشبكات الري تحتاج لأعمال تعزيل وصيانة، فلماذا التأخير بل التقصير بتجهيزها..؟
وإذا كانت مساحات من القمح والشعير تحتاج إلى شبكات جديدة لريها فلماذا لا يرصد لها الإعتمادات المالية اللازمة لإقامتها خلال القادم من السنوات بدلاً من التركيز الوحيد والأوحد على الاستيراد..؟
أكثر من ذلك لماذا لا تقام بحيرات اصطناعية لتجميع مياه الأمطار لاستخدامها لاحقاً في الري أو الاستخدامات الأخرى..؟
نعم، الجفاف وقلة الأمطار أمر واقع، لكن لنستفد أولاً من كل قطرة تهطل بدلاً من النواح على الطبيعة التي لم ولن ترحم أي مقصر تجاه التصدي لآثارها القاتلة..!
علي عبود / البعث الأسبوعية