2019 Jan 29

السويداء .. أين هي من تحدي العشر سنوات؟؟

الساعة25- سماح فائق:

لم يقف تحدي العشر سنوات عند ملامحنا التي تغيرت في الصور بل بات أعمق من عدسات الكاميرات وانطلاقاً من الصور المتغيرة على السوشال ميديا مروراً بدخول البكتيريا إلى التحدي صادمةً الأطباء بما طالها من تغيير، وصولاً للأوطان التي جعلت من هذا التحدي عندي أزمة وطن وأرض..

ترى أين وجه السويداء من هذا التحدي؟؟ وأين السنوات العشر؟؟

تتساءل حجارتها السوداء مستنكرةً.. أقف بحيرة أمام آلاف الصور التي يجب أن تدخل التحدي، ترى من أين أبدأ.. هل من العدل أن تقاس التغييرات التي نالت من هذه الأرض بالسنوات العشر فقط أم الأجدر أن تقاس بالأرواح المهدورة والأجيال الضائعة والثقافات المنحلة.. القلوب المكسورة والدموع التي تحولت دماً.. الأطفال الذين استفاقوا على اليتم والوطن الذي صار مسرح حرب.

هل أجمّل وجه التحدي بصورة طريق قنوات الذي لم يكن على الخارطة أصلاً؟؟

أم أضع صورة العملة كيف كانت وأين صارت؟؟

هل أضع وجوه الآباء والأمهات بفرحهم البريء وهمومهم البسيطة وآلامهم الخفيفة بمقارنة مع التغيير الجذري بعد 10 سنوات، لم تزدهم السنون إلا وجعاً وتعباً وحزناً.

أفكر بصور بعض الفتيات أظنها أجمل لكني أخاف من قسوة المشهد، فقد غدت الشفاه أكثر امتلاءً والملامح أكثر تزييفاً والوجوه أقل تجاعيداً عكس الطبيعة البشرية، أما الأسنان فقد صارت بحلة هوليودية لامعة، وبالطبع الملابس صارت أصغر حجماً وأقل قماشاً.. غريبٌ أنها تتناسب عكسياً مع الأسعار وطردياً مع نقص المواد الأولية.

على سيرة المواد أظنها فكرةً جميلة أن نضع جرة غاز في صورة وصورة تذكارية لجرة غاز في الجهة الأخرى بحكم أننا نراها غالباً في الصور فقط حالها حال المازوت والبنزين والكهرباء والماء.

مضحكٌ ومبكي ما نحن عليه.

أفكر بصورة الأطفال قبل عشر سنوات مع كيس مكعبات وصورة حالية مع آيباد وآيفون وببجي.. تروق لي فكرة الأطفال فهم مرآة الأوطان، أبحث عن المكان الذي يجب أن أعلق المرآة فيه، أعلقها في المدارس المكتظة بمئات الأطفال أم أعلقها على إشارات المرور ليرى المارة أحلام الوطن مع علبة علكة أو بسكويت رخيص؟؟ موجعةٌ صور الأطفال.

تخطر لي صورة الشباب، أضع صورةً لهم في جلسة على العود مجتمعين عام 2009 بوجوه لا تعرف الهم وأضع عشرات الصورة في 2019، إحداها من ألمانيا وثانية من النرويج وثالثة عن الحاجز ورابعة للمهندس يعمل دهاناً والمحامي طبالاً والخامسة لذاك الذي يتجول في شوارع السويداء ضائعاً بهمومٍ كثيرة.

أعدل عن الفكرة بسرعة قبل أن أكمل باقي الصور، لقد أصبح التحدي أكثر تعقيداً والخيارات أقل إيجابية، أطرق الباب على جدتي لأسألها عما تغير عندها في 10 سنوات فتؤجل جوابها ليخلص كمال!! من كمال! إنه بطل المسلسل التركي.. يبدو أن جدتي ألبست الماضي الكفن وصارت على الموضة تاركةً حياكة الصوف لكتاب التاريخ.

فقصدت الصديق (م.ع) محامي من جيل الشباب، "زاد الصبر والهم وقل الأمل فقط" تلك كلماته عندما سألته عما تغير في السنوات العشر.

يقول الشاب (ف.ب) طالب في كلية التربية الموسيقية من عام 2009: "لما بلشت أسس مستقبلي بلشت الحرب وما ظل مستقبل"

السيدة (ج.ح) موجهة في مدرسة ثانوية تقول: كتب أحدهم " ناس قبرت ولادا وناس قبرت الفقر" مختصرةً كثيراً من الجمل. وتكمل، أولادنا ما عادوا كما كانوا، سنوات الحرب أنتجت جيلاً غير مسؤول، نضج قبل عمره وتعلم كيف يرفع صوته بمعنى آخر حرية بمفهوم فارغ، فقد المعلم قيمته وهيبته، النظام ما عاد له معنى، الحرب دمرت مفاهيم كثيرة لكن الخطأ أن يجعلها هذا الجيل شماعة لكل شيء.

السيد (م.د) عامل في معمل للحجر يقول: "يوميتي كانت حوالي 300 ليرة سورية وكنت مش عايش والآن صارت 3000 وبعدني مش عايش" يطير الدولار وتطير المواد معه، يهبط الدولار وتبقى المواد محلقة.

حلقت خارج فضاء هذا المسكين أشكي من ألم في الوطن، مجدداً تقف هذه الارض طرفاً في كل جدل يخطر لي فتفرغ الحبر من قلمي وترفع الجلسة.. إذاً لا تحديات لا صور لا مقارنات حتى.. عند الوطن تصبح النقاط أول السطر.

خاص