أيُّ الأمثال الشعبية ينطبق على أهل السويداء ليلة رأس السنة!!
الساعة25- سماح فائق:
ها هي السويداء تطوي صفحة 2018 بحلوها ومرّها مشرعةً الأبواب لـ 2019 على أمل أن تكون أحلى من سابقتها.
بالطبع مواطننا سيثبت من خلال هذا اليوم المفصلي بين العامين أن الثواني العشر الأخيرة تعادل قيمتها كل الأيام الـ 365 المنصرمة.
فيدفع غالياً ثمن وقفته في مطعم أو مقهى ليعد تنازلياً من 10 إلى واحد معلناً انطلاقة عامه الجديد بصرخات وضحكات تملأ الكون صخباً.
إلا أن التساؤل يتجه لواقع السويداء وأهلها، فنحار إن كان المواطن وعلى رأي المثل (عامل كبرية وجيبتو مهترية) أو أن الناس (خيار وفقوس).
إذ وصلت تكلفة البطاقة إلى 15 ألف للشخص الواحد مقابل عشاء على أنغام الـ (dj) في أحد المطاعم العائلية، وحدد آخر رسم الدخول بـ 20 ألف لتمضية حفل فني منوع (للصبح )، ذلك في الوقت الذي تعج فيه صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي وتقاريرنا الإخبارية المتلفزة بانتقادات للواقع المادي المتردي والجوع والفقر وقلة المازوت والغاز وتشرد الأطفال والبطالة وغيرها من هموم المجتمع.
وفي صدد انشغال الناس بيوم رأس السنة، استطلعنا في موقع الساعة25 أخبار الحجوزات في معظم المطاعم، فسمعنا ما أثار الدهشة أكثر، حيث قال السيد (ع ع ) صاحب مطعم راقٍ في شارع حيوي إن المكان محجوز بكامله منذ شهر تقريباً، ثم تبين أن غالبية المقاهي "full" رغم الرسم المتخطي 40 دولاراً ليضاهي أسعار لبنان ودبي.
في حين التقيتُ السيد (م ب) وزوجته وهما موظفان بدخلٍ جيد فسألته عن مخططهما للسهرة فقال: "بالتأكيد مع عائلتي، زوجتي وابني وابنتي والأخوة في بيت العائلة الكبير وقطعاً لن أدفع راتبي وراتب زوجتي لشهرين متتاليين لأمضي هذه الساعات في أيٍّ من المقاهي"
وبسؤالٍ لمدير صالة في أحد الفنادق المصنف 3 نجوم في السويداء عن طبيعة الأشخاص الذين حجزوا لهذه السهرة الميمونة قال: "زباين المحل طبعاً"
وكررتُ ذات السؤال للسيد (ب ف) مواطن عادي يملك مكتبة متواضعة "يوم مثل باقي الأيام لكن أقترح له اسم جديد عيد الأكل مثلاً، الله يكون بعوننا"
والآن أتوجه لكم متسائلة، إن كان فعلاً الحال (خيار وفقوس) فمن هو المسؤول عن تحول مجتمع السويداء إلى طبقة الأغنياء وطبقة المعدومين.
وإن كان (كبرية والجيبة مهترية) لنبحث عن العبقري الذي أقنع هذا الشعب بالمثل (مو عيب تدلل حالك شهر وتشحد دهر) فقط لينشر سيلفي على فيسبوك، وتشارك هي صديقاتها مقاطع مباشرة من الحفل.
والمضحك المبكي (المعتر) الذي لا ناقة له ولا جمل، يمضي سهرته على إحدى الشاشات يأكل البطاطا الحلوة المشوية على جمر تعبه ليشتري حاجات المنزل التي تضاعف سعرها هذا الشهر مترنماً لصوت زوجته التي تتذمر من حياتها وسهرتها الكئيبة.
وعلى غفلةٍ من أموال هذا وفستان تلك، رقصة هؤلاء وموائد أولئك، سهرت دموع ثكالى وأرامل، أيتام ومخطوفين، سجناء ومفارقين نسيناها وما خجلنا منها .. تربة شهيدٍ لم تجف بعد، تعالت عن كل مظهرٍ مما سبق.
لو تأملنا وجعهم مرةً لصغر في عيننا ما جعلناه محور وداع هذا العام.
ليتلحّف كلٌّ همه ويعد تنازلياً من 10 إلى واحد علّه يستفيق على واقعٍ جديد أفضل يبدأ بعد رحيل ضيفنا الثقيل (رأس السنة).