الفلاحون للحكومة.." أعطونا السعر الذي نريده وخذوا المنتجات التي تريدوها"
في الوقت التي تعلن فيه االحكومة أن الموارد المائية في سورية محدودة ومتراجعة، وتدق ناقوس الخطر من التغيرات المناخية والعطش والجفاف، وتتعب نفسها بالبحوث الزراعية والإرشاد الموزع بالاسم في جميع المناطق وتأثيره المحدود، يقف فلاح بسيط مدرك لجميع هذه المخاطر ويخاطب الحكومة بكلمتين: "أعطونا السعر الذي نريده وخذوا المنتجات التي تريدوها".
ويضيف الفلاح البسيط "الحكومة عندما أعلنت نيتها إعادة تشغيل معمل السكر اشتغل بمحدودية بسيطة وينتج اليوم 100 طن سكر يومياً فقط, بينما لو منحت الحكومة ثمن الشوندر للفلاح بحيث تغطي تكاليف الزراعة، وجعلت الفلاح في بحبوحة تكفيه وتكفي أسرته في ظل الارتفاعات المتتالية للأسعار، لكان إنتاج سورية من الشوندر السكري يكفي تشغيل 5 معامل، ويكفي إنتاج سورية من السكر، لكن اليوم وسط أزمة السكر الموجودة في الأسواق نسأل من المسؤول عن عدم تفعيل زراعة الشوندر، وإغلاق ملف استيراد السكر بشكل نهائي؟.
ومن السكر إلى الكرمة حيث الموسم هذا العام يبشر بالخير بينما الفلاح يبيع الكيلو بأقل من 500 ليرة للنوع الوسط والمواطن يشتريه ب3000 ليرة والفروقات تذهب أجور نقل بأسعار محروقات بالسعر الحر وتجار تربح بكل مزاد سيارة مليون ليرة خلال أقل من ساعة والحكومة تقف عاجزة عن إيجاد الحلول, فهل تتخيل الحكومة لو أن الفلاح يبيع الكيلو من أرضه بـ 2500 ليرة كم سينتج أطنان من العنب بأنواع شتى في العام القادم, ما يؤكد أن من يريد الإنتاج عليه أن "يغنج" الفلاح بالدرجة الأولى .
ومن العنب إلى الزيتون حيث الموسم هذا العام مبشراً بالخير، ومن الظلم الكبير أن ينخفض سعر ليتر زيت الزيتون البكر أقل من سعر الزيوت النباتية، وهذا ما يحصل في بيوت الفلاحين، حيث بيدون الزيت يسرح من فمه ووزنه أكثر من 20 كيلو غرام يباع ب225 ألف ليرة، بينما سعر ليتر الزيت لنباتي من النوع الوسط 13 ألف ليرة في الأسواق، أي سعر بيدون الزيت النباتي 260 ألف ليرة بالرغم من تكاليف قطاف الزيتون ونقله وعصره وتكاليف حرث الأرض والسماد اللازم.
وكون الزيتون شجرة معاومة أي إنتاجها كل عامين مرة فربح الفلاح في الحضيض، ولو تم معاملة زيت الزيتون كموسم استراتيجي، وفتح باب التخزين والتعبئة والتصدير وإيجاد عائد مجز للفلاحين لتضاعف إنتاج سورية خلال 5 سنوات فقط، ما يعني أن المشكلة الأساسية في تسعير المنتجات الزراعية.
هذه المعضلة والفروقات بالأسعار لم تستطع الحكومات المتعاقبة حلها والدليل على نتائج الفشل وصول كيلو الليمون الحامض هذا العام إلى 15 ألف ليرة بعد أن تعب الفلاح من شعارات تسويق الحمضيات فهجر أرضه ومنهم من تحول إلى الزراعات الاستوائية في الساحل، ومنهم من تحول إلى أشجار اللوزيات، ومنهم من تحول إلى الزراعات المحمية، وخسرت سورية موسم استراتيجي كبير هو الحمضيات علما لو فكرت بعقلية التخزين، ومن يراقب اليوم الحمضيات تطرح في السورية للتجارة 2500 ليرة، بينما جمعت المحصول من الفلاحين ب 500 ليرة وبعض الأنواع أقل .
ومن يراقب تصريحات المسؤولين والتوجهات الحكومية والجهات العليا يأتيه العجب بين من يريد الإنتاج، ويبحث عن أي نبته تزهر وتقدم ثماراً، وبين من يعمل بعقلية غير المبالي ولا يهمه الفلاح ولا إنتاجه ويعمل بقرارات المنع كل ما ارتفع سعر مادة يمنع تصديرها، ومنهم من يتفنن بمصطلحات تسويق الفائض وكأن الدول الأخرى تشتري البضائع التي نرميها ولا تشتري وتدفع ثمن ما تريده بسعر مرتفع .
أعتقد أن على الحكومة تبسيط المسألة كثيراً بعيداً عن البحوث وأساتذة الجامعات والإرشاد والجولات والخطابات الرنانة وغيرها، وأن تسمع فقط لرأي الفلاح البسيط العنصر الأهم في العملية الإنتاجية، أعطونا السعر الذي نريده وخذوا المنتجات التي تريدوها، هل فهمتم لغتنا فلاح بسيط يسأل.
الساعة 25 : طلال ماضي