2022 Oct 10

صراع على إعادة تدوير القمامة في سوريا.. يبيعها النباشون بمبالغ كبيرة والجهات المختصة « مُقصّرة» بالاستفادة منها !!

في الشوارع المظلمة في دمشق، والتي غالبا ما تكون دون كهرباء الآن، أحيانا يكون الضوء الوحيد الوامض هو ضوء مصابيح الرأس التي يرتديها النباشون الباحثون في القمامة عن الخردة لبيعها.

وفي الوقت الذي تهدر فيه الحكومة ملايين الأطنان من النفايات من دون أي فائدة، يبيعها ا#لنباشون لمعامل شبه مخفية في ريف دمشق بمبالغ كبيرة، ويستخرج منها منتجات تباع أيضاً بمبالغ كبيرة وتستخدم لصناعات عديدة، منها وللأسف حافظات غذائية وفقاً لما ذكرته صحيفة "الوطن" المحلية.

أحد الصناعيين تحدث عن عمله في تدوير_النفايات، وابتكار مواد ذات فائدة في السوق المحلية كأكياس النايلون المخصصة للمواد غير الغذائية، والقضبان البلاستيكية.

وأوضح الصناعي أن مهنته تعتمد على ثلاث خطوات، أولها عملية الفرز عبر استخدام أيدٍ عاملة، والثانية آلة للتنقية، والثالثة آلة للطحن والتحويل، حيث يقوم بشراء القمامة من «النباشين»، بواسطة معتمد معين يكون صلة الوصل بين «النباشين» والصناعي، مبيناً أن لكل معمل معتمداً خاصاً.

وعن سعر المبيع، بين أن كيلو القمامة غير المفروز يباع بين الـ 1000 و1200 ليرة، والطن يعطي تقريبا 100 كيلو تالف تنتج 800 كيلو حبيبات، بحسب نظافة البضاعة، يباع الكيلو منها بين 1500 إلى 1700 ليرة، مبيناً أن هذه الحبيبات تعتبر نوعاً ثانياً أو ثالثاً ولها عدة استخدامات ما عدا الحافظات الغذائية التي تستورد حبيباتها لأنها يجب أن تكون نخباً أول، لكن بسبب تكلفتها العالية، يعتمد عدد من الصناعيين على استخدام الحبيبات المنتجة من النفايات في صنع الحافظات الغذائية، لكونها أرخص وذات ربح عالٍ.

وعن استخدامات هذه الحبيبيات بيّن أنها تكرر لينتج منها مرشات مياه وسقاية، وعوازل الأسلاك الكهربائية، فضلاً عن أكياس القمامة والأكياس العادية غير الغذائية، كما توجد قوالب خاصة لعلب البلاستيك والعبوات، مثل عبوات سائل الجلي، التي تكرّر دون طحن لتعود لذات الاستخدام، ولها قوالب خاصة، وأكثرها استخداماً عبوات زيت السيارات.

وفي سياق الحديث عن تكاليف هذه العمليات، أوضح الصناعي أنها قليلة جداً، فالكهرباء في هذه المعامل هي خطوط صناعية 24 ساعة، كما أن أجور العمال منخفضة لأن كل معمل لا يتجاوز عدد عماله 4 تقريباً، إضافة إلى أن زمن إنتاج الطن يتراوح بين يوم حتى 3 أيام حسب نظافة البضائع، وهناك معامل مختصة فقط بشراء الحبيبات من دون الخوض في عمليات التكرير هذه.

وزعمَ أن هذه العملية ليس لها أي تأثيرات على البيئة، مبيناً مدى جدوى هذه الصناعات، مضيفاً إنه لا يستخدم أكثر من 1 بالمئة فقط من النفايات في محافظة واحدة، ضمن كادر متواضع وكميات قليلة، فعملية إعادة التدوير تخلق المزيد من فرص العمل، وتخفف عبء مكبات النفايات.

وعن الصعوبات التي تواجه هذه المهنة، أشار إلى أننا نفتقر فقط لوجود تشريعات مناسبة بشأن النفايات أو معايير قانونية واضحة وإستراتيجيات طويلة الأجل في هذا الجانب.

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي شفيق عربش بأن الحبيبات أنواع، وذات اللون الأسود كلها مضرة بيئياً واقتصادياً وصحياً، مؤكداً أن موضوع تدوير النفايات في غاية الأهمية والخطورة على مستوى العالم كله.

واستشهد بتجربة سنغافورة وألمانيا والسويد، لكن الفرق لديهم وبين ما نقوم به نحن اليوم من تدوير قليل جداً للنفايات، هو النتيجة، حيث إنهم يولدون الكهرباء ويصنعون الأسمدة (أقل ضرراً من الأسمدة الكيميائية) ومواد البناء المختلفة في مقاومتها وعزلها للحرارة إضافة إلى استخراج الحبيبات البلاستيكية عبر معالجة النفايات.

أما عن توافر الإمكانيات لتوليد الكهرباء من النفايات في سورية، بيّن أنها غير متوافرة نتيجة تقصير الجهات المختصة في هذا الموضوع الذي كان يجب البحث فيه منذ 20 عاماً، عندما زار وفد سوري مدينة ستوكهولم التي تحوي معمل شركة فولفو، وكل الطاقات الكهربائية من تدفئة وماء ساخن، وكهرباء، والسخانات المنزلية، والطاقة الهائلة التي تشغل هذا المعمل كله من تدوير ومعالجة النفايات، مستشهداً بالسويد التي لم تتأثر بأزمة الطاقة العالمية لأنها الدولة الوحيدة التي تنتج أكثر من 1000 ميغا من تدوير النفايات.

الوطن

خاص