ضمائر للبيع .. وشقق للإيجار
السويداء25- ريمه عماد:
لا خِلافَ على أنَّ السُّوقَ العقاريَّة في السُّويداءِ قد تأثرت بالأزمةِ التي طالت الأسواقَ السُّوريةَ عموماً، وربما كانَ سوقُ البيعِ والشِّراءِ قد شُلًّ تماماً؛ بينما أُصيبَ سوقُ الإيجارات بفرطِ نشاطٍ غيرِ مسبوقٍ أو مُتوقَّعٍ نتيجةَ حركةِ النّزوحِ نحو السُّويداءِ على اعتبارِها من المناطقِ الأكثرِ أمناً وأماناً..
يقول أبو مروان (نازح):
"لقد استغنى مالكو العقاراتِ عن ضمائرهم، وباعوا واشتروا فيها، وأصبحت اللغةُ التي يتحدَّثون بها لغةَ الأرقامِ بعشراتِ الألوفِ ومئاتِها، دونَ رادعٍ من ضميرٍ أو أخلاق.. فإذا فكَّرتَ بالسُّؤالِ عن غُرفةٍ في قريةٍ أو ضاحية لتقطنَها وعائلتُك فيجبُ أن تضعَ في حُسبانك /ثلاثين ألفاً/ على أقلِّ تقدير، تُقدِّمها للمالكِ مَطلعَ كلِّ شهر، قبلَ أن تشتري خُبزَكَ وكِساءَكَ وأبسطَ ما تحتاجُهُ أيُّ عائلةٍ لتعيشَ كفافها .. فما بالك إن جَنَحَت أحلامُك نحو المهندسين أو المحوري أو طريق قنوات، هناكَ ستُدرِكُ حقاً ما هي الحربُ الحقيقية، وستعرفُ بأنَّكَ ما هربتَ من الموتِ بسلام إلا لتعيشَ عَصّة القبرِ حيَّاً".
ولا يقتصرُ هذا الواقعُ المؤلمُ على المواطنين ذوي الدَّخلِ المحدود وحسب؛ فالكل هنا سواء يقولُ أحدُ الأطباء:
"لم تَعُدِ الإيجاراتُ مقبولةً أبداً، فأُجرةُ عيادةٍ أو مكتبٍ لا يتجاوزُ 80م في مِنطقةٍ شعبيّة باتَ يتعدَّى الـ75 ألف ليرة، وهذا حقيقة يُشَكِّلُ أعباءً كبيرةً على أربابِ الأًسر، وكذلك على الشّبابِ المُقبِل للتوِّ إلى الحياةِ العمليّة .. نحنُ لا ننكرُ أنَّ الأسعارَ ارتفعت عموماً، ولكن لِيَكُن التّعاملُ "بنور الله"، فليست كلُّ الشُّققِ شُققاً، وليسَ كُلُّ الإكساءِ إكساءً، وهناكَ الكثيرُ من العقاراتِ تُؤَجَّرُ على اعتبار اسم المنطقة -مُتناسياً أصحابُها مساحتها وعُمرَ البناء وقابليتَهُ للسّكن-، والوضعُ باتَ بحاجةٍ ماسّة إلى تَدَخُّلٍ من المَعنيين للبحثِ عن حلولٍ مُنصِفةٍ للمُستأجرين الذين لا حولَ لأكثرهم ولا قوة في تهجيرهم من أملاكهم، واضطرارهم لخوضِ معركةِ الاستئجار".
ويعزو أحدُ المقاولين ومالكي العقارات الأسعارَ الخُرافيّةَ للإيجارات إلى تحليقِ أسعارِ موادّ البناء، بدءاً من الحديد الذي تجاوز سعرُ الطن منه /300ألفٍ/، وليس انتهاءاً بالإسمنت الذي قارب سعر الطن منه /50ألفاً/..
وبين استفسارٍ منا، ومحاولةِ تبريرٍ من هؤلاء، تعلو صرخةُ المواطنين استغاثةً: (ارحموا مَن في الأرضِ يرحمُكم مَن في السَّماء)
ويبقى الأملُ موجوداً بأن تستفيقَ ضمائرُ المعنيين على هذه الصَّرخةِ، وتجدَ الحُلول المُنصِفةَ لحربِ الاستئجارِ التي تطحنُ المواطنين بين رحاها دون رحمة.