الساعة25- ندى بكري:

يتحدد سلوك المستهلك بتفاعل عوامل عديدة نفسية وبيئية، ويعتبر السعر أحد أهم هذه العوامل، فقد يلعب دور الفيصل في اتخاذ قرار الشراء، ولتوضيح ذلك من الواقع الذي نحياه، قمنا باختبار بسيط مستعينين بتمثالين صغيرين متطابقين سألنا المارة في السويداء حول أي التمثالين أفضل بعد ادعائنا أن أحدهما ابتعناه من طريق قنوات بقيمة 2000 ليرة سورية، والآخر بقيمة 600 ليرة سورية مدعين شراءه من بسطة في منطقة شعبية بالمحافظة.

الغريب في الأمر أن 32 شخصاً ممن سألناهم أجابوا أن التمثال غالي الثمن هو أفضل من نظيره، حتى أن البعض خاض في مقاومة التمثال للكسر فكان برأيهم التمثال الأغلى هو الأمتن، فيما رأى 6 أشخاص أن التمثال الأرخص هو الأفضل منوهين إلى السعر المبالغ فيه للتمثال الآخر، في حين كان عدد الأشخاص الذين أدركوا الحقيقة وأجابوا أن التمثالين متطابقين هم 8 فقط واللافت أنهم من كبار السن.

أمام ذهولنا من هذه النتائج قدمت لنا طالبة الدكتوراه في علم النفس من جامعة دمشق دعاء شلهوب توضيح علم النفس للأمر حيث يرى أن المظاهر المادية سيطرت على حياتنا، فالكثير من الأشخاص يتجهون نحو البحث عن المكانة الاجتماعية بالتركيز على الشكل أكثر من الجوهر، والاهتمام بنمط حياة أفراد الطبقة الغنية، والسعي للوصول إلى هذه الدرجة من الرفاهية المادية على حساب أمور أخرى، فهناك من يُغرق نفسه بالديون ليحصل على أشياء باهظة الثمن، أو لارتياد مطاعم ومقاهٍ فارهة، بغرض الشعور بالانتماء لتلك الطبقة.

وتتابع دعاء: وتختلف الأسباب باختلاف الشخصيات وأنماط التفكير، فالإنسان بطبعه يسعى نحو الكمال، ولأن تقييم الشخص المقابل قد يكون من خلال هيئته الخارجية أو ما يملكه، يتجه البعض إلى المباهاة بالكلام أو بالأشياء غالية الثمن لديهم.

معللة ذلك أنه قد يكون نتيجة شعور الشخص بنقص ما في إحدى النواحي الذاتية لديه فيعوضه من خلال المال، وقد زادت وسائل التواصل الاجتماعي من تلك النزعة نحو الرفاهية، فتطالعنا من خلالها يومياً عشرات الصور التي توحي أن الراحة المادية مرتبطة بالسعادة، ما يوقع الشخص تحت تأثير مشكلات اجتماعية ومادية وعائلية وكذلك نفسية.

قد تلمح هذه المادة بجزء منها إلى أننا كمستهلكين بتنا مسلوبي الإرادة أمام خيارات الشراء، أما أخصائيو التسويق فقد استطاعوا استغلال غرابة اتجاه الأفراد نحو الشراء بأبهظ الأثمان بعيداً عن الجودة أفضل استغلال في دراساتهم لمزيد من الربح.

ولكن منطق الأشياء يرى أننا لسنا بحاجة إلى قدوة لاتخاذ قراراتنا الخاصة فقط نحن بحاجة إلى الثقة بالنفس والابتعاد عن المقارنات الافتراضية مع غيرنا من الأفراد فلكلٍ منا ظروفه التي تحدد طول البساط الذي يجب أن تُمد عليه الأقدام.