أخبار سارة: بلدنـا خالٍ من وباء "كاروشي"!
السويداء25- وكالات:
الكاروشي تعـريفاً: «الموت الناتج عـن الإفراط في العمل» وهو ظاهرة يابانية تتجلى بموت فجائي ـ أزمة قلبية مثلاً ـ نتيجة ضغوط العمل وشدة الإرهاق والقلق، أو يؤدي للانتحار، وتعود بدايات «كاروشي» إلى الستينيات؛ ففي 1969 توفي موظف فجأة عن عمر يناهز 29 سنة، كان موظفاً في إحدى كبريات المؤسسات اليابانية، نتيجة ارتفاع ضغوط العمل التي أدت إلى وفاته بأزمة قلبية ممثلاً بذلك أول حالة «كاروشي».
مثال آخر: عامل في أحد المطاعم، يعمل 110 ساعات أسبوعيّاً، ولم يكمل عامه الـ34، توفي فجأة بأزمة قلبية، وتمثل وفاته حالة «كاروشي»، وفي الثمانينيات ظهر ما يمكن أن نُطلق عليه أحد أنواع «الكاروشي»، وهو الانتحار بسبب الضغوط الناتجة عن الإفراط في العمل، والروتين، والمهمات المتكررة، وعدم التحكم في الضغـوط!
وهنا نتساءل: ما الذي يجعل الموظفين يعملون حتى الوصول للـ«الكاروشي»؟
تتعدد الأسباب التي تجعل الموظف يفرط في العمل، وليست كلها نتيجة عوامل خارجية، فهناك أيضاً أسباب مرتبطة بدوافع داخلية.
تنتشر في اليابان ثقافة ترتكز على تقدير المتفانين في العمل، ويصل الأمر إلى أن يُنظر إلى الشخص الذي يستنفد أيام إجازته – المسموحة له أصلاً- بأنه شخص «ضعيف»، وأحد أبعاد المشكلة أيضاً، هو خوف الموظفين وقلقهم من استياء زملائهم إذا ارتاحوا أيام الإجازة.
وهناك عـادة سائدة تميل إلى الزيادة في العمل -حتى لو كانت تلك الزيادة تطوعية- غير مدفوعة الأجر، فلا يذهب العاملون لبيوتهم ولاسيما الشباب قبل مغادرة مدير العمل، فحتى لو أنهى الموظف ساعات عمله ووجد رئيسه مستمراً في العمل فلا ينصرف قبل مغادرة مديره.
أحد أهم الأسباب التي تؤدي لـ«الكاروشي» هو قيام أصحاب العمل بتمديد ساعات العمل الأساسية بساعات إضافية يقوم بها الموظفون ذاتهم، بدل الاستعانة بموظفين جدد، هكذا يؤكد «كويا مويامي» الخبير في شركة الأوراق المالية/ طوكيو.
كما أن توصيف عمل الموظف، يتجه للغوص بعبارات تنص على أن واجب الموظف أن يعوّض عمله أو عمل الفريق إذا أصابه تعطل!
وقد وصل عدد ضحايا «الكاروشي» لعام 2017 إلى بضعة ألوف، ويرى خبراء أن العدد أكبر من ذلك بكثير ويتجاوز 22 ألف حالة سنويّاً.
وعلق شنجروواكي البروفيسور في جامعة ريوكوكو اليابانية، على الإحصائية الرسمية، مؤكداً أن هناك كثيراً من الناس يموتون بسبب العمل الزائد لدرجة يصعب حصرها.
وأفادت مؤسسة التعاون والتطوير بأن اليابان تأتي في المرتبة الأولى للدول المتقدمة التي يعمل الموظفون فيها أكثر من 50 ساعة أسبوعيّاً، بنسبة 22.3% من موظفيها، متفوقة على بريطانيا بـ(12.7%) وأمريكا (11.3%) وفرنسا (8.2%).
كابوس اليابان المزمن، «كاروشي» بدأ يؤرق اليابانيين ممثلاً الجانب المُظلم لتقدم اليابان. أنا لم أستطع رؤية أطفالي وهم يكبرون لأني كنت منشغلاً، أتمنى لو يعود الزمن كي أعيش مع عائلتي بدل الانشغال الكامل بالعمل، هكذا يعبر «ياماشيتا» عن آماله المستحيلة، فالموظف الياباني صاحب الـ53 سنة، اعتاد العمل ليل نهار، وكثرت رحلاته المرتبطة بالعمل كرجل مبيعات، لم يكن ينام سوى 3 ساعات في المتوسط بسبب ضغوط العمل، حتى سقط مُرهقاً بنزيف مفاجئ بالعين أفقده بصره، ولكنه كان أوفر حظّاً من الذين يموتون بسبب ضغـوط العمل.
فيما يتعـلـق بنا: قال أحدهم «أعـلم أنّ العـمل المضني لا يسبب الهلاك، ولكن.. لم المخاطرة»؟ ومن وجهة نظر معـاكسة تماماً يقول موظف: «أنـا أعـلم أنني أحضر للعـمل متأخراً؛ ولكنني أعـوّض عـن تأخيري، بالانصراف مبكراً»..!