2019 Apr 19

على هامش الحياة يعيشون.. أطفال يمتهنون التسول

الساعة 25- رويدة جعفر:

ظاهرة خطيرة كرستها سنوات الحرب ... أطفال متسولون يعيشون على هامش شوارع الحياة أثر النزوح والتهجير .. يسددون فواتير الحرب مؤخراً، منتشرون في كل شارع وعلى كل رصيف ونتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية تفاقمت أعدادهم بشكل ملحوظ .

على أحد أرصفة شوارع السويداء جلست رند البالغة من العمر (عشر سنوات) بثياب بالية رثة تبيع البسكويت وتستعطف المارة للحصول على المال، وعلى بعد عشرين متر جلس أخاها ربيع ذو الاثنا عشرة عاماً يبيع نوعاً آخر من البسكويت والعلكة .

لدى متابعة الأخوين تبين أنهما من أسرة فقيرة فقدت معيلها فاضطرت الأم لدفع أطفالها إلى التسول وبيع البسكويت ، يقول ربيع: أجني في اليوم الواحد ألفي ليرة وإذا حالفني الحظ يمكنني جمع ضعف هذا المبلغ  وأختي كذلك  حسب كرم المارة .

لاشك أن هؤلاء الأطفال يعيشون حياة بائسة دفعتهم  إلى ترك مقاعد الدراسة والتسول في الشوارع ، وأن المعونات المقدمة لمثل هذه العوائل من الجمعيات الخيرية والمنظمات بالكاد تسد رمق الأسرة فهي أشبه بنقطة ماء في محيط ، وطبعاً المردود المالي من وراء التسول دفع بعض الأهل لتشجيع أولادهم على ذلك ، ففي حي آخر رصدنا مجموعة من الأطفال المتسولين تعلموا التسول من أهلهم  وورثوا المهنة من آبائهم وأجدادهم ليتحول تسولهم إلى كار.

حدثنا  أحد الأطفال ويدعى أمين عن عائلته  قائلاً: لم يعد أبي قادراً على التسول بعد أن أقعده المرض وأنا الآن أساعد أمي في تأمين المال "كلو ولّا أمي في الحياة".

من الغريب أن الناس ألفوا هذا المشهد الذي يتكرر في مختلف شوارع السويداء وتعاملوا مع الأطفال المتسولين بعواطفهم أحياناً فأعطوهم ما خرج من جيوبهم والبعض الأخر تجاهلهم وكأنهم ليسوا أمامهم ، وفي كلا الحالتين طرحوا على أنفسهم  سؤال : هل الحل الحقيقي  بمنحهم المال لتخفيف معاناتهم  بشكل مؤقت أم أن ذلك يدفعهم لامتهان التسول والحفاظ عليه كمهنة مربحة ووسيلة سهلة للحصول على المال دون عناء .

ولا تتوقف القضية هنا على التسول فقط .. فوجود الأطفال في الشوارع يتجولون بلا حارس ولا رقيب يخلق مشاكل كبيرة حيث يصبحون عرضة للضياع والتعنيف النفسي والجسدي والتحرش والابتزاز مقابل بعض المال .

يقول أحد الأخصائيين الاجتماعينلموقع الساعة 25 : يكتسب الأطفال المتسولون عادات شاذة ويتعلمون تصرفات لا تنسجم مع طفولتهم البريئة وفي النهاية يقعون فريسة الشارع وينحدرون نحو عالم الجريمة والمخدرات في حين أن مكانهم الطبيعي بيوتهم ومدارسهم كأقرانهم " ، هؤلاء  الأطفال براعم ستذبل وتموت قبل أن تزهر وتثمر وسيواجهون موتاً محتماً لكل طموح، ومستقبل كان يمكن أن ينتظرهم .

ورغم تشديد العقوبات مؤخراً على كل من يتسول لتصل العقوبة إلى السجن ثلاث سنوات مع غرامة مالية وفرض عقوبة الحبس والغرامة لكل من دفع قاصراً دون الثامنة عشرة من عمره أو عاجزاً إلى التسول بأي طريقة لكن تبقى هذه الاجراءات قاصرة وتبقى هذه الظاهرة مسؤولية الجميع والمطلوب هو تظافر الجهود وتقديم المساعدة الحقيقية  خصوصاً من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات المعنية في الدولة لمساعدة وتأهيل هؤلاء الأطفال وتقديم الرعاية النفسية والجسدية  وإعادتهم إلى طفولتهم  قبل فوات الأوان.

خاص