إذا كانت تكلّف 40 مليار ليرة بنزين سنوياً.. لماذا لا يتم سحب السيارات الحكومية الفارهة من المسؤولين وتوفير تلك المليارات؟
الساعة 25:سهيل حاطوم
هل يعقل بعد أكثر من 11 سنة من الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد أن يستمر معظم المسؤولين بركوب السيارات الفارهة التي يتجاوز سعر الكثير منها 200 مليون ليرة؟ وهل من المعقول الاستمرار بمنحهم كل هذه الرفاهية من جيوب المواطنين الذين يعانون لتأمين قوتهم اليومي ؟
أسئلة باتت مشروعة أكثر من أي وقت مضى , في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية لهذه الآليات من صيانة ووقود وسواها, والضغط الكبير لجهة ارتفاع حجم الإنفاق المالي على هذا القطاع والذي يقدر بنحو 40 مليار ليرة وفقاً لأحدث التقديرات مما يتعارض والتصريحات الحكومية نفسها حول ترشيد الإنفاق وتخفيضه, ناهيك عن الاستمرار بتخصيص كبار المسؤولين بأكثر من عشر سيارات لخدمتهم وخدمة أفراد أسرهم وأقاربهم وذويهم .
أضف لذلك استخدام هذه السيارات لغير الأغراض المخصصة لها , ووجود آليات فخمة ومترفة ذات تكاليف مرتفعة لا تتناسب والوضع الاقتصادي للدولة دون وجود مبررات اقتصادية أو قانونية أو مالية لشراء مثل هذه الآليات , وتعدد أنواع وطرازات هذه الآليات واختلاف البلدان المستوردة منها , وعدم توفر قطع الغيار اللازمة أو ارتفاع أسعارها بصورة كبيرة والتي هي مستوردة في معظمها مما يؤدي لحاجة أكبر للعملة الصعبة, علماً أنه وفي حال بيعت تلك السيارات بالمزاد العلني وتم استبدالها بسيارات " شام " على سبيل المثال , فإن كل مليون ليرة من شأنها توفير فرصة عمل جديدة فيما لو تم تخصيصها لتأسيس مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر مدرة للدخل, أي أن ثمن أقل سيارة يمكنه أن يؤمن فرص عمل لنحو 100 أسرة.
وإذا كنا نعيش في ظروف استثنائية, لماذا لا يتم سحب تلك السيارات التي تكلف خزينة الدولة عشرات المليارات بأسعارها ومخصصات محروقاتها ونفقات إصلاحاتها ؟ وهل مظاهر مواكب السيارات الفارهة للمسؤولين مقبولة في ظل الظروف الراهنة والحرب والحصار الذي تعيشه البلاد ؟ و ما هي المبررات لاستمرار مظاهر الترف والبذخ للمسؤولين والتي تمثل السيارات الفارهة أبرزها على حساب شرائح واسعة من المواطنين الذين باتوا يجدون صعوبة في الحصول على طعامهم اليومي؟
عضو جمعية خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة في سورية/ بسام صعب / أشار إلى أن المعالجات الحكومية لهذا القطاع تتمثل بمحاولات
خفض النفقات الجارية لجهة الوقود و الصيانة , وإيقاف عمليات شراء السيارات الحكومية الجديدة و عمليات الصيانة والتجديد , وتحديد كميات الوقود المسموح باستهلاكها لكل آلية, وتحديد السقف المالي لأعمال الصيانة المسموح بإجرائها للآلية الواحدة خلال العام المالي , والتشدد في مراقبة حركة الآليات الحكومية, مبيناً أن كل تلك المعالجات تبدو عقيمة وغير قادرة على حلحلة أوضاع هذا القطاع وغير منتجة للأهداف المتوخاة منها ,حيث يسير هذا القطاع من تخبط إلى تخبط .
ولفت / صعب / إلى ضرورة وضع خطة مبرمجة زمنياً بحيث يتم الاستغناء عن استيراد السيارات الحكومية أو قطعها اللازمة خلال خمس سنوات على الأكثر , وإنتاج مثل هذه السيارة بطرازات وألوان مختلفة تناسب الوضع الوظيفي للوظائف الحكومية المستهدفة بها ليتم الاستغناء عن استيراد السيارات الفارهة والمترفة, وبما يسهم في استمرار عمل المرافق العامة وعدم تعطلها بموضوع الآليات , وتحقيق الوفر الاقتصادي والمالي للخزينة العامة والمحافظة على المال العام.