الببجي .. هروبٌ من الواقع .. عملية اختطافٍ من نوعٍ آخر
الساعة25- نيفين عزام:
التجربة الأولى تكون بإرادتك لتتحول في مابعد إلى شيءٍ من الإدمان، تعلمك فن القتل والإستمتاع فيه، تثقفك حول أنواع الأسلحة والرصاص وتجبرك على الهروب من عالم واقعي مؤلم وخطر إلى آخر إفتراضي أخطر منه .. نعم هي عملية اختطافٍ من نوعٍ آخر.
في جميع المجتمعات الشباب هم عماد الوطن وصنّاع المستقبل والقلب النابض بالتجديد والحيوية والعطاء وهم الركيزة الأساسية لكل بلد يبحث عن تنمية حقيقية يمكن أن تقفز به إلى مصافِ الدول المتقدمة.
أما أن يُترك الشباب صيداً سهلاً ولقمةً سائغةً وحقل تجارب لكل وسائل الضياع الإلكتروني وهي تدس سم تعطيل العقل وإيقافه حبيس الزوايا والغرف، فهذا أمرٌ خطير وبوادر خطرهِ واضحة وملموسة من خلال المشاهدات العينية لمدمني لعبة (البوبجي) التي يلزم التكاتف للتوعية من خطرها.
وعند استطلاعنا لبعض الآراء حول هذه اللعبة كان لكل شخص رأي مختلف عن الآخر فقال أحمد إن المشكلة ليست بمواقع التواصل الاجتماعي وظهور ألعاب جديدة بقدر ما هي بانغلاق الفرد على نفسه وعدم سعيه لتطوير الذات وترقية العقل، إنه واقع سخيف فقد ترك الزوج زوجته وتدهورت درجات أبنائه في المدرسة وأصبحوا بعيدين كل البعد عن التعايش الاجتماعي.
أما ثائر أحد عشاق البوبجي الذي يبلغ من العمر أربعين عاماً والذي من المفترض أن يكون على دراية بما تسببه هذه اللعبة من مشاكل قال متباهياً إنه أصبح محترف وأصبح مقاتل في ساحة المعركة يناضل ليكمل ويقتل ليصمد وأبنائه منشغلين كلٌّ في ساحة قتال يريد الفوز.
وهنا يدفعني الفضول للسؤال ترى لو كان هذا القتال على أرض الواقع هل سيكون هو وأولاده بهذا الحماس أم أنه سيسعى لإبعادهم عن البلد وحمايتهم من الحرب الحقيقية ليمارسوا هناك الحرب الالكترونية.
إذاً لا بد من البحث عن حلٍ جدي لإخراج هذه اللعبة الخبيثة من منظومة النت حفاظاً على ما بقي من أدمغتهم فهي أشبه بالمخدرات الرقمية التي انتشرت مؤخراً، فلا نوم ولاعمل ولا دراسة ولا إحساس بالمسؤولية، هي فقط تزرع العداء والكراهية والعنف والتوتر الذي أورثتنا الحرب ما يكفينا منه، وتتسبب بتعطيل العقل إلكترونياً.