2018 Dec 26

"التنّمر" سُلوك اجتماعي لبناني ضد السوريّات

الساعة25- ريم نورالدين الشعار:

علاقة النسب بين العائلات السورية واللبنانيّة ليست وليدة اللحظة أو نتيجة للأزمة السورية القائمة منذ ثمان سنوات، فكثيرات هن الفتيات السوريات المتزوجات في لبنان .. لبنان المتربع في قلب سوريا الأم، فالجغرافية تؤكد حقيقة هذا التلاحم الأبدي وإن أصروا على إنكارها.

قبل أن تأتي إلى هذا البلد يكون لديك تصور بأن السوريات في لبنان يعشنَ في نعيم لا بل في جنة، لكن ما أن تقترب وتصبح جزءاً من هذا الواقع تختلف الرؤية اختلافاً كُلياً.

ففي لبنان حيثُ تتعالى الأصوات مطالبةً بوقف العنف ضد النساء على اعتبار أنهُ بلد الحريات وعدم التّمييز، تجد نفس الأصوات تمارس عنفاً أشد وطأةً هو العنف الاجتماعي القائم على "التنمر" ضد فئة بسيطة ذنبها الوحيد أنها تحمل الجنسية "السورية"!!

تقول السيّدة "م ، م" وهي متزوجة منذ حوالي 9 سنوات في لبنان:  

في الواقع إنّ المجتمع اللبنانيّ مجتمع يصعب التعايش معه، عندما تكون شخص تكره النفاق والتملّق فهو مجتمع قائم على المظاهر كما أنه يهوى الثرثرة المؤذية والانتقاد والتدخل فيما لا يعينه بالإضافة إلى أنه مجتمع مجبول بالكره للسوريين، فكلمة "سوري" بالنسبة له أصعب من كلمة "إسرائيلي".

 ومنذ وجودي في هذا البلد وأنا أراهم لا يفوتون أية فرصة للتجريح بالسوريين (بس بدن يتمسخروا على حدا بقولوا متل السوريين!!)، كما أن السورية تُعامل كما لو أنها جاءت من بلاد متخلفة ولم تر من الحضارة شيء كونها لا تلتفت إلى المظاهر التي يقدسونها و تشكل أساس حياتهم.

وتمنت السيّدة م،م على الأهل في مدينة السويداء كونها هي إبنة السويداء، أنّ يفرضوا مهراً ومؤخراً كبيراً جداً على الشاب اللبنانيّ لحماية بناتهن اللواتي لطالما كُنّ مصدراً للفخر أينما حَلّوا بفضل سلوكياتهن وأخلاقياتهن العالية، من الإهانة والتجريح لأن البعض من الشعب اللبناني مع الأسف يتصور أن الفتاة السورية رخيصة لأنّها ببساطة غير مُتطلبة (كتير بسمعهن بقولوا روح ع سوريا بتجيب أحسن بنت بـ500$)، فقيمة الفتاة لديهم مرتبطة بكثرة طلباتها المادية.

أما السيدة ن،ح المتزوجة منذ حوالي 15عاماً اتفقت مع السيّدة م،م، واعتبرت أن مشكلة الشعب اللبنانيّ تكمن في أنهُ يرى نفسه الأول في كُل شيء فهو لا يُعطي نفسه فرصة لقراءة الآخر بطريقة صحيحة تفيده وتوسع آفاقه، وأعتقد أن انغلاق الشعب اللبناني على معتقداته الضيقة وعدم الإبحار في الآخر هو ما أوصله إلى ما هو عليه اليوم.

و كان للسيّدة ر،ر وهي متزوجة منذ حوالي السنتين رأي بخصوص الشهادة الجامعية السورية، فقالت أكثر ما أشعرني بالإحباط هو النظر للشهادة التي أحملها على أنها شهادة بلا قيمة لمجرد أنها "سورية"، فالشعب اللبناني عموماً من خلال تجربتي البسيطة ينظر إلينا كسوريين أننا شعب دون المستوى الحضاري والفكري وهذا نوع من التجريح وعدم احترام الفكر من خلال الحكم عليه مُسبقاً.

تجدّر الإشارة إلى أن هذا التحقيق ليس الهدف منه التهجم أو التعميّم إنما تسليط الضوء على نوع من المعاناة التي يتمّ تجاهلها، ومن المؤكد أن هذه السلوكيات لا تُمثل شعباً كاملاً وإنما هناك استثناءات، فلابد من وجود أشخاص عادلين على هذه الأرض التي لطالما كانت رمزاً لكل جميل.

أخيراً من غير المُنصف والإنساني أن تدفع فتيات بريئات ثمن خلافات سياسية، خاصةً أن الظروف الاستثنائية التي مر بها الشعب السوري أجبرت بعض الفتيات على القبول بالزواج من لبناني بشروط غير منصفة، ففي النهاية ليس من العدل أن نكون ضحايا لاختلاف في وجهات النظر، فقد حان الوقت لنكون أكثر تقبلاً للآخر أياً كان.

خاص