2019 Sep 04

التنمية البشرية.. عناوين براقة تسلب عقول الشباب وجيوبهم

الساعة_25:هبة حسون

بعد الانتشار الواسع الذي حظيت به ظاهرة التنمية البشرية بين الشباب السوري المثقف وغير المثقف؛ بات من غير المقبول المرور عليها مرور الكرام , حيث لم يعد يخلو منها مركز ولا جمعية, وبتنا نشهد تخريج عدد كبير من المدربين يكاد يفوق عدد المفاهيم التي يحملها تطوير الموارد البشرية .
 والسؤال الذي يطرح نفسه.. ماهي المهارات والخبرات التي يجب على الشخص أن يكتسبها حتى يطلق على نفسه اسم "مدرب تنمية بشرية" وهل يعقل أن يدفع الشاب مبالغاً كبيرة في سبيل شهادة هو لايعلم موثوقية مصدرها أو فيما إذا كانت تستحق هذا الثمن ام لا..؟؟ 
الدكتور /عصام الحجلي/ الأخصائي في طب نفس الأطفال والبالغين يرى أن  حالة الفراغ لدى الشباب والتسويق الكبير لما يسمى التنمية البشرية جعلت من هذا المجال سوقاً وتجارة تغري عقول الشباب بدلاً من أن تترفع عن الأهداف المادية وتعطي الجدوى المرجوة, لافتاً إلى أن التنمية البشرية تمتلك بعض النقاط الهامة، كتنمية المهارات الاجتماعية، وتفعيل الطاقات البشرية، وتحفيز اللاوعي لدى الانسان ، لكن إن أحسن تطبيقها من قبل خبراء أكاديميين حصراً يمتلكون خبرات متراكمة ومهارات متقدمة.
وشكك بالوقت نفسه  بمصداقية العديد من المدربين الذين يتطفلون على مجالات علم النفس بتعديهم على حالات مرضية كالفوبيا والكآبة المزمنة والتوحد، والتي تحتاج لطبيب نفسي بالدرجة الأولى لتقييمها والتعامل معها.

بينما ينفي المدرب المعتمد من وزارة التنمية الإدارية / وائل الحناوي / وجود مصطلح تنمية بشرية ويستبدله بمفهوم تطوير المهارات وبناء القدرات الإنسانية, مشيراً إلى عدم كفاءة أغلب المراكز التي تمنح الشهادات عبر ورشات تدريبية لاتتجاوز ١٠ أيام أو أقل ولاتكسب متدربيها سوى بعض الشعارات البراقة والمصطلحات التي يستطيع أي شخص الحصول عليها عبر الانترنت .
وأضاف / الحناوي/ بأن شهادة تدريب مدربين محصورة بوزارة التنمية الإدارية ولايجوز لأي جهة غير مرخصة أو معتمدة منحها , مبيناً أنه تلقى تدريبات مكثفة لدى منظمة اليونيسيف العالمية لمدة ١٥٠ ساعة تدريبية حتى حصل على لقب "مدرب مبتدئ" , ومتسائلاً عن ماهية الدورات التي اتبعها من يسمون أنفسهم مدرب متقدم أو دكتور فخري في التنمية البشرية..!
/ يزن نعيم/ ، طبيب وأحد خريجي معاهد التنمية البشرية وحاصل على أربع شهادات تدريبية في مجال إعداد مدربين , أوضح لدى سؤاله عن تجربته بأنها أضافت له الكثير بعد جهد طويل من البحث, مؤكداً أن التدريب أمانة بالدرجة الأولى قبل أن يكون مهنة أو منصة فإن لم يكن المدرب يحمل حصيلة ثقافية واسعة من المهارات فلن يستطيع نقلها للآخرين ولا يجدر به أن يكون مدرباً.
ويشير / نعيم/ إلى أن الفئة العمرية من ١٩ حتى ٣٠ عاماً هم الأكثر تفاعلاً وحضوراً في ورشات التنمية البشرية , لافتاً إلى  انعكاس أفكار التنمية البشرية إيجاباً على المتدربين وذلك من خلال إكسابهم مهارات حياتية هامة كاستيعاب صعوبات الدراسة وإدارة الوقت والتعامل مع صعبي المراس.
كما نوه إلى  أن الدورة التدريبية المعيارية هي التي تتضمن مادة علمية وأدوات مساعدة موثوقة تدعمها وتسهل إيصال المهارة عملياً وهذا ما يختلف عن المفاهيم والمعلومات المتاحة عبر الإنترنت أو في الكتب.
وبناء على ماسبق.. هل ستبقى هذه المفاهيم دون رقابة فعلية تشرف على تدريسها وعلى المراكز التي تخرج مدربيها ؟! أم أن هذه الثقافة باتت سوقاً تستغل جهل واندفاع الجيل الشاب ليغدو ضحية المطامع دون أدنى شعور بالمسؤولية المهنية.

خاص