الرحالة العالمي / عدنان عزام/ يتحدث عن خفايا رحلة سورية العالم
الساعة_25:سهيل حاطوم
مئتان وتسعة وخمسون يوماً مضت على انطلاق رحلة سورية العالم كانت حافلة بالأحداث واللقاءات والمفاجآت قطع خلالها الرحالة العالمي/ عدنان عزام/ أكثر من /5000/ كم حتى الآن ليصبح اليوم على مشارف العاصمة الروسية موسكو والتي لم يعد يفصله عنها سوى عشرات الكيلومترات فقط .
الرحلة التي انطلقت في العشرين من نيسان الماضي من ساحة الأمويين بدمشق على صهوة الفرسين " نيازك الشام وأماني الجولان" واجهت العديد من الصعوبات والتحديات, إلا أن قوة عزيمة وإرادة الرحالة /عزام / وإصراره على بلوغ الرحلة لأهدافها كانت أقوى من كل تلك التحديات والتعب والمشقات والجوع والعطش وظروف الحرارة المرتفعة والبرد القارس ومصاعب التنقل التي واجهتها هذه الرحلة التي عبرت الأردن والعراق وإيران وأذربيجان وداغستان والشيشان وأنغوشيا وأوسيتيا وصولاً إلى المحافظات الروسية .
فأولى الصعوبات التي تعرضت لها رحلة سورية العالم وفقاً لحديث الرحالة/ عزام/ للساعة 25 تمثلت في التوقف على الحدود السورية الأردنية لمدة 28 يوماً قبل أن يتمكن من الدخول للأردن والعبور عبر صحرائها الشمالية,حيث كانت درجات الحرارة مرتفعة جداً وأكثر من أن تحتمل ووصلت لغاية 55 درجة مئوية خلال النهار, ليدخل بعدها إلى العراق في ظل درجات حرارة مرتفعة أيضاً , مضيفاً " قطعنا المنطقة الأخطر التي هي على الحدود الأردنية السعودية العراقية وصولاً إلى بغداد وبمسافة تبلغ نحو 600 كم بدون أي حياة تذكر إلا من الجيش العراقي الذي رافقنا بعربة مدرعة طيلة هذه المسافة والتي استمرت لنحو شهر كامل تقريباً بالإضافة لمخاطر الوجود الإرهابي في بعض المناطق خاصة في المنطقة المفتوحة مع السعودية ".
وقال الرحالة/عزام/.. "بعد عبور سلسلة جبال زاغروس على الحدود العراقية الإيرانية تابعنا المسير إلى إيران هذه الدولة القارة والكبيرة المترامية الأطراف فانتقلنا إلى طبيعة ثانية وجغرافية وعقلية وذهنية جديدة, إلا أنه وفي شمال إيران تعرضنا لحادث مؤلم , حيث صدمتنا من الخلف سيارة يقودها شخص بسرعة جنونية ما تسبب بموت الفرس أماني الجولان بعد نحو 5 دقائق من وقوع الحادث فيما تعرضت أنا والفرس نيازك الشام لإصابات طفيفة .
وتابع/عزام/ .. عند وصولنا إلى حدود أذربيجان توقفنا أيضاً لمدة 51 يوماً من الصبر الأسطوري على الحدود حتى تدخلت الدولة الروسية , فأعطتنا السلطات الأذربيجانية حق الدخول لعبور هذه الدولة ولمسافة قصيرة لم تتجاوز 400 كم في هذه الدولة حتى وصلنا إلى روسيا , مبيناً أنه وبعد دخول روسيا بحوالي 15 يوماً تعرضت الرحلة لعاصفة ثلجية أثناء وجودهم في مدينة غروزني , بالإضافة للتعرض للرياح العاتية والعواصف وزخات المطر القوية التي واجهتهم ولمسافة تزيد على 600 كم , حيث قطع خلالها سلسلة جبال القوقاز الشاهقة وسهول إقليم كراسنودار الشاسعة.
ويضيف/عزام / .." أشعر بأنه لدينا طاقة غير عادية للتحمل وكل تفكرينا منصب كيف نستطيع الوصول إلى موسكو وإيصال الرسالة التي نحملها .
وحول الانطباعات والتفاعل مع هذه الرحلة من قبل الشعوب التي التقى بها , أشار/ عزام/ إلى أنه ومنذ اللحظات الأولى لدخول الأراضي الروسية كان الاستقبال عقلانياً وشعر براحة نفسية وبأنه أمام مهنية في التعامل , مضيفاً " عندما سرت أول عشرة أمتار شعرت ومن شد الفرح وكأنني أسير على سطح القمر وبأنه لم تعد هناك جاذبية, فأنا متشوق لدخول الأراضي الروسية واكتشاف هذه الدولة التي أزورها لأول مرة بعد أن زرت دول العالم , ففي روسيا شعرت بأنني عدت إلى سورية, وفي داغستان والشيشان شعرت بمدى التقارب الكبير بيننا في العادات والتقاليد وأحسست كم نحن مقصرون تجاه هذه الدول التي نحن حاضرون في حياة شعوبها المضيافة أكثر مما هي حاضرة في حياتنا".
ولفت/عزام/ إلى الاستقبال الكبير الذي حظيت به الرحلة في أول عاصمة في القفقاز وهي محج قلعة , حيث كان الستاد الرياضي فيها يعج بالناس وقدمت فرقة شعبية الدبكات الداغستانية , فيما جاءت شابة ممشوقة القامة جميلة جداً تحمل الخبز والملح وقدمته له كنوع من الترحيب بالضيف ,ثم جاء الفرسان وقدموا لوحة رائعة من الفروسية فشعر بالفعل بأنه عاد إلى دمشق وإلى السويداء وطرطوس ودير الزور .
كما حظيت الرحلة في بغداد باستقبال بالأهازيج والحداء من قبل العراقيين من مثقفين وشعبيين ومن أصحاب الفكر والسياسة , فيما لقيت اهتماماً كبيراً من قبل الأوساط السياسية والشعبية والإعلامية في إيران , وشهدت مئات اللقاءات التي شرح خلالها الرحالة /عزام / ما جرى ويجري في سورية ومدى التضليل الاعلامي الذي يمارسه الغرب الصهيوني في كل العالم.
وحول الهدف الحقيقي من رحلة سورية العالم , أوضح/عزام/ بأن الرحلة ليست كيلومترات نقطعها أو ركوبِ على الخيل أو سياحة بل هي قافلة ثقافية سياسية بامتياز للرد على التشويش والتضليل الإعلامي الذي تعرضت له سورية , فالحرب الرهيبة على سورية لم تكن حرب مدافع ودبابات فقط وإنما حرب إعلامية , مبيناً أنه رأى أن من واجبه بعد كل هذه السنوات من هذه الحرب أن يواجه أعداء الوطن وبالسلاح نفسه ,فقرر أن يزور الدول والشعوب التي وقفت إلى جانبنا وبخاصة العراق وإيران وروسيا والتواصل مع شعوبها .
وأشار /عزام/ إلى أنه عاش السنوات التسع من هذه الحرب بكل جوارحه, حيث ترك عمله في فرنسا وعاد إلى سورية في عام 2011 متطوعاً من تلقاء نفسه دون أن يطلب منه أحد ذلك , مضيفاً مارست الكتابة والمحاضرات وإعداد الأفلام الوثائقية عن المعارك على الأرض إلى جانب الجيش العربي السوري وإلى جانب السوريين الشرفاء الذين قاتلوا ودافعوا وصمدوا وانتصروا.
كما رأى /عزام/ بأننا كعرب مسلوبون ومنذ حوالي 900 سنة من القيمة المتمثلة بالسيادة الوجودية للإنسان العربي التي تقاس بالحرية الحقيقية والسيادة على الأرض والفكر , لافتاً إلى أنه ومنذ أن طردنا الغرب من الأندلس وبدأ باحتلالنا واحتلتنا الدولة العثمانية و إلى هذا اليوم مازالت أجزاء كبيرة من عالمنا العربي محتلة والجزء الأعظم من ذهنيتنا العربية محتلة وفي كل المغرب والمشرق العربي لدينا عقدة النقص تجاه الإنسان الأجنبي .
وأكد /عزام / أن سورية مستهدفة لموقعها الجغرافي وخصوصيتها كدولة مركزية في العالم ومهد الحضارات والديانات السماوية , وقدر سورية والسوريين مواجهة أطماع الغرب والصهيونية والعثمانيين الذين مازالوا يحاولون منعنا من اللحان بركب الدول المتقدمة لذا على الإنسان السوري أن يبقى متيقظاً وعلينا كمواطنين وطنيين ممارسة دورنا في البناء الفاعل ومحاربة الأفكار والأخبار الهدامة , مشيراً إلى أهمية وجود قوى دبلوماسية شعبية رديفة للدبلوماسية السورية الرسمية من قبل المثقفين الوطنيين وهو ما تقوم به رحلة سورية العالم , حيث لايكفي برأيه شخص واحد أو رحلة واحدة أو فنان واحد لهذا الأمر بل علينا أن نخلق جيلاً مهتماً بهذا النوع من النشاط السياسي اللانمطي الذي يستطيع التأثير في الشعوب , مستشهداً بقول أحد العراقيين الذين التقاهم خلال رحلته والذي قال له" لقد أيقظت فينا عروبتنا النائمة " .
ومن المتوقع أن تصل رحلة سورية العالم في محطتها الأخيرة إلى الساحة الحمراء في موسكو بتاريخ 14 أو 15 كانون الثاني الجاري 2020 , حيث سيكون في استقبالها الكثير من المهتمين وسيقدم الرحالة/عزام / الفرس العربية الأصيلة "نيازك الشام" إلى الرئيس فلاديمير بوتين تعبيراً عن شكر الشعب السوري على ما قدمته روسيا لسورية في محاربة الإرهاب.
يشار إلى أن الرحالة/عزام /هو إعلامي وكاتب ومثقف عربي سوري عاش نحو 25 سنة من حياته في باريس وفي أوروبا وعمل في السياسة والإعلام والتواصل وحوار الحضارات وهو مختص أكاديمياً في الاستشراق والاستغراب وبدأ بترحاله منذ نحو 40 عاماً .