2018 Nov 26

الزواج المبكر آفةً مجتمعية تعاقبُ الأبناء بتهور الآباء

الساعة25- مجدي معروف:

الزواج هو عقد شرعي بين رجلٍ وامرأة، بهدف بناء أسرة سليمة تشكل أساس كل مجتمع، وأهم شروطه الرضا المتبادل، من أجل تحديد الحقوق والمسؤوليات لكلا الطرفين، لذلك أكدت معظم القوانين ضرورة توفر الوعي، والنضج، والإرادة السليمة لدى الطرفين، وأساس ذلك السن القانوني ولكن........

مع سيطرة العادات والتقاليد في مجتمعنا، ولعدم وجود الثقافية الكافية عند البعض نجدُ في السويداء فئات تعزز وتشجع الزواج المبكر الذي ينغص حياة أبنائنا ويسلب طفولتهم وشبابهم تحت شعار "الزواج سترة"، دون دراية تامة من الأهل بحجم الضرر النفسي والجسدي الذي يخلفه على الطرفين، والغريب كثرة هذه الحالات رغم تطور المجتمع.

معتز صاحب الواحد والثلاثين عاماً والذي تزوج في سنٍ مبكرة، واجتاحت حياته الأسرية مشاكل كثيرة، تحدث لنا بنبرة لم تخلو من الندم فقال: بعد الزواج بدأت حياة جديدة صعبة للغاية بعدما أصبحت المسؤول الأول عن البيت بكافة متطلباته فقد انتهى وقت اللعب ورؤية الأصدقاء كالسابق، وخاصةً أن أفعالك أصبحت محسوبةً عليك كما يقولون، حالتي النفسية سيئة للغاية حُرمت من أجمل الأيام التي يمر بها أي شاب، بسبب مشورة أبي بأني وحيده ويجب أن أتزوج باكراً.

وكان لمأساة الشابة وئام وقعٌ كبير على أهلها بعدما تزوجت في سن الخامسة عشر، لتتعرض بعد فترةٍ وجيزة من زواجها للتعنيف من قبل زوجها دون أن تستطيع الدفاع عن نفسها، فكان الخلاف مع زوجها الذي يكبرها بعشر سنوات سيد المواقف في حياتها، بسبب الاختلاف في نمط التفكير والنضج والوعي.

وللحديث عن مخاطر الزواج المبكر التقت "الساعة 25" الدكتور أيهم أبو خير الاختصاصي في الطب النفسي ومعالجة الإدمان الذي بيّن أن الانتظار حتى بلوغ سن "الثامنة عشرة" للزواج يمنح الفتيان والفتيات فرصةً للنضوج نفسياً بشكل أفضل ليصحبوا لاحقاً أزواجاً وآباءً وأمهاتٍ ناجحين، لكن للأسف وجود الجهل والفقر وبعض العادات البالية ما زال يساهم في انتشار ظاهرة الزواج المبكر التي تقوم على تزويج الفتيان والفتيات بعمر يتراوح ما بين 8-15 سنة وهذا له آثار سلبية جسيمة على الصحة النفسية والجسدية بآن واحد.

وعن الآثار النفسية التي منها الاضطرابات أو الشدة النفسية تابع أبو خير "تبدأ هذه الحالات منذ ليلة الزواج الأولى وما يرافقها من مشاعر الخوف وعلامات القلق والكآبة، والشكايات الجسدية نفسية المنشأ والتي يمكن أن تترافق لاحقاً مع اضطرابات جنسية، أهمها عسر الجماع ما يؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية للأسباب النفسية التي سبق ذكرها والجسدية نتيجة عدم نضج الأعضاء التناسلية في هذا العمر".

مضيفاً "لا يمكننا إهمال الآثار النفسية على الأطفال ثمرة هذا الزواج المبكر حيث تظهر علامات القلق وصعوبات التعلم واضطراب المسلك والكثير من الأمراض التي تصيب الأطفال".

بدورها أكدت السيدة غصينة صلاح المرشدة النفسية في جمعية تنظيم الأسرة أن هذه الظاهرة تنتشر في السويداء بشكل كبير ولها عدة أسباب منها الفقر والخوف من العنوسة بسبب تزايد نسبة الإناث في المجتمع فقد كانت الإحصائية التي أجريناها قبل الأزمة أن كل 105 فتيات يقابلها 100شاب فما بالك بعد الأزمة.

مشيرةً إلى أن الملاحظ هو كثرة الزواج المبكر في قرى المناطق الشرقية قليلة التعليم، منوهةً أن الجمعية تقوم بدورٍ كبير لنشر ثقافة تناهض وتمنع الزواج المبكر، من خلال المبادرات وحملات التوعية المكثفة، فقد تم تقديم الدعم النفسي لـ 76 حالة زواج مبكر من قبل الجمعية حتى الآن.

في ظل وجود بعض العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع يبقى الحل الأمثل أن يحدد القانون سن الزواج بما يتوافق مع سن الرشد "18 عاماً"، وعدم إجراء عقود زواج شرعية من قبل رجال الدين تحت هذا السن.  

خاص