السويداء في فخ الاستثمار العقاري الجائر .. أبنية غير مستثمرة وعودة للمقايضة
الساعة25- لينا الخطيب:
لفترة ليست ببعيدة كان الاستثمار في مجال العقارات تجارة رابحة بالنسبة للمستثمرين ولأصحاب الأراضي في السويداء، خاصةً بعد تشاركهم في بناء وحدات سكنية، ثم الانتقال إلى استثمار المواقع التجارية ذات الأسعار الخيالية وبنسب كبيرة لأصحاب الأراضي.
ونتيجة لظروف الحرب استفاد المغتربون من فرق العملة وقد استطاع هؤلاء على مدار الأعوام الثمانية الماضية شراء الكثير من العقارات، ومن المعروف أن اقتصاد السويداء يعتمد بالدرجة الأولى على المغتربين من أبنائها خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات.
اليوم يشهد السوق العقاري ركوداً وتراجعاً ملحوظاً وذلك منذ بداية الأزمة ليصل إلى ذروته هذه السنة وبحسب تقديرات الأستاذ حسام فؤاد أبو خير مدير شركة السويداء بزنس تعود أسباب ركود السوق العقارية في السويداء إلى زيادة العرض وقلة الطلب نتيجة للعدد الكبير من الوحدات السكنية المطروحة للبيع وفقدان الثقة بالمتعهدين المتسلقين على المهنة واللذين عجزوا عن إتمام الأبنية التي قاموا بتعهدها .
ويؤكد على ذلك السيد سماح طليعة صاحب مكتب المدى العقاري ويضيف أن عامل الغيرة لعب دوراً كبيراً في مجال العقارات ولم يقتصر على المستثمرين وأصحاب الخبرة فقط بل أصبح عمل من لا عمل له، مما أدى لتضخم مخيف في هذا المجال ووصلنا إلى ما نحن عليه، فكثر العرض وقل الطلب بسبب ظروف البلد والمغتربين ووصلنا إلى مرحلة اكتفاء ويضيف: "الاستثمار في مجال العقارات كان تجارة رابحة قبل الأزمة أما الآن فهو مجال فاشل رغم نزول الأسعار"
وعلى حد قول أبو خير فإن عدم وجود أنظمة وقوانين وتشريعات تتناسب مع الاستثمار العقاري وعدم وجود طريق دولي أو مشاريع ضخمة تدفع الموظفين والعمال من خارج السويداء للإقامة فيها - كما هو الحال في باقي المحافظات السورية - وغياب الأمن والأمان في المحافظة، كلها عوامل ساهمت في ركود السوق العقاري وبالتالي بقي الاعتماد على أبناء المحافظة المنقسمين بين 70% يعملون داخل سورية وإيراداتهم من المستحيل أن يشتروا بها منزل و30% من المغتربين الذين أصبح لديهم عدد من العقارات غير المستثمرة بغالبيتها وبالتالي خسارتهم استثمارياً نتيجة الركود.
ونتيجة لهذه الأوضاع وللركود الحاصل في السوق العقاري انتشر ما يسمى بالمقايضة في البيع والشراء وهي طريقة تعيدنا إلى أساليب تجارية قديمة كان يتبعها الأشخاص لقضاء حاجاتهم وشراء مستلزماتهم، وهذا ما نراه حالياً بسبب ضعف القوة الشرائية النقدية.
صنف أبو خير المقايضين إلى ثلاثة أقسام، الراغبين بتحسين مواقع عقاراتهم من خلال مقايضتها بمواقع أهم ودفع فوارق مالية مناسبة، والمحتاجين لسيولة نقدية من أبناء المحافظة الذين استثمروا عقاراتهم ثم وقعوا بأزمة العرض والطلب فلجأوا للمقايضة وكسر الأسعار لتأمين مبلغ نقدي يغطي احتياجاتهم، وذوي الدخل المحدود الوارثين لأراضي أو منازل ممن يملكون مبالغ مالية صغيرة يحاولون إضافتها إلى أراضي زراعية موروثة بالغالب ليحصلوا على عقارات للسكن.
وبحسب دراسة قامت بها شركة السويداء بزنس للخدمات العقارية يقول أبو خير لو أن ربع قيمة الاستثمار العقاري وظفت في القطاع الصناعي النظيف أو السياحي التاريخي أو الزراعي المروي لكانت السويداء اليوم هي حلب الصناعية أو حمص السياحية أو درعا الزراعية في الأمس.
لقد وقعت السويداء في فخ الاستثمار العقاري الجائر واستهلكت رؤوس أموالها في أبنية غير مكتملة وغير مستثمرة في ظروف هي أحوج فيها إلى المشاريع الصناعية والإنتاجية.