الصحفي عامر فؤاد عامر : لكل من قال بأنّ (س) أساء لنا ولصورتنا كسوريين، أقول لهم لقد أساء لنفسه فقط، فهو لا يعبر إلا عن شخصه، ولولا صفحة الفيسبوك والإنستجرام والعالم الافتراضي لما عرفته النّاس ولا سمعته بوهمه
بحوار خاص مع الصحفي والناقد عامر فؤاد عامر حول ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً من طرق لجمع التبرعات أو تغطية صحفية واختلاف الآراء حولها ، وضّح عامر قائلاً :
إذا عُدنا بأصول فكرة التّحدّي سنجد أنّها قائمة على العداوة بين فريقين أو أكثر، فيها من روح المنافسة الكثير، من حيث إقصاء طرف للآخر، لكن تطوّر الفكرة الزّمني جعل منها منضويةً تحت مبدأ المتعة والتّنافس الشّريف، مؤطّراً بأخلاق الألعاب الرّياضيّة.
اليوم؛ مع اقتحام وسائل التّواصل الاجتماعي حياة كلّ فردٍ فينا، وانتشار الـ"سوشال ميديا"، كان لا بدّ من وقوع بعض الأفراد في الفخ، وارتكاب أخطاء جسيمة، لا سيّما وأنّها لا تخضع لقواعد وشروط واضحة ومعلنة، إذّ يمكن لأيّ شخصٍ يمتلك معلومة ما أن ينقلها لجمهور كبير وبزمن قياسي، ويستطيع أي فرد حمل كاميرا جواله ورصد ما يدهش عينيه، ليشارك به الآخرين، وكذلك بسرعة فائقة، من دون أن يعي خطورة الأمر وأثره على النّاس.
إذاً التّحدي في مواقع التواصل الاجتماعي له مداه الواسع، وبلباس "سوشال ميديا"، لكن على الرّغم من ذلك لا يجب تغييب أذهاننا عن القواعد والأصول، في مناسبة الحدث والمكان لفكرة التّحدّي، فهل يجوز إطلاق موجة تحدّي الفنّانين والكارثة تعلو بأصواتها إلى السّماء؟!
وأشار أنَّ هناك بونٌ واسعٌ بين المتعة القائمة من فكرة التّحدّي وبين حجم المأساة الواقعة علينا جميعاً، ومن يجد أنّ النّتيجة هي ما نريدها، سنقول له "الغاية لا تبرر الوسيلة" أبداً، وهناك أصول وقواعد يجب ألا تُنتهك، والإنسانيّة تقتضي احترام الآخر، واحترام العين التي تراقبك، وتقديم أفضل ما عندك خدمةً للنّاس، وإلا ستكون عالقاً في مصيدة تُعرّي الشّخص، وتظهر ثقافة هزيلة، وغير محترمة، مع عدم فهم لأصول وقواعد العمل الحقيقي.
وبيّن عامر أنَّ ما حصل مؤخراً يدلّ على شخصٍ يحتفل بالكارثة، ويحاول أن يلمّ حوله شخصيّاتٍ فنّيّةٍ أحبّها الجمهور، وبطريقة استعراض جعلتنا نُسقطه من حسابات المهنيّة واحترام ظرف الآخر.
وبيّن عامر أننا لن نشخصن الأمر ضدّ (س) من النّاس، فالأمر لا يستحق، لكن ما أودّ قوله أنّنا أمام مشهد غريب، أهّلت فيه شريحة من المعجبين بشخصٍ ما، ليكون عبر صفحاته شخصيّة ناقلة للحدث، فهل نجح في نقل الحدث يا ترى؟
علينا التفكير أوّلاً بمستوى الأسئلة المطروحة على النّاس التي ظهرت عبر رصده، هل كانت تعبّر عن شخصٍ يعي حجم الألم والمصائب، التي لا تعدّ ولا تحصى في بيان كلّ فردٍ خسر ما خسره؟ بالتّأكيد مستوى الأسئلة هزيل جدّاً، وغير مدروس، وبالتّالي لا يشير إلى شخصٍ انطلق بإنسانيّة إلى مكان الكارثة ليعين أهلها.
أيضاً، العين ترى بوضوح أنّ الرّاصد هو بطل الحدث بينما من أصيبوا بالملمّة هم ثانويون في الصّورة والحضور، بل يعبرون ليأتي غيرهم، فمرّةً كبار في السّنّ في الحديقة، ومرّة أطفال يلبسهم الثياب، ومرّة تحدّي لفنّانة، ومرّة سؤال لشيخ عن حيض المرأة ...وهلمّ جرّا، إذاً هذا الرّصد يعتمد على الحدث لرفع صاحبه الذي يحتلّ الكادر دوماً، ولو أن همّه إنساني لكان غاب عن المشهد، وحضر بصوته فقط، أو من دون صوته أصلاً، ولكنّا صدقناه ولم نكذبه، فهو بما فعل كان يتسلّى أكثر مما يعالج المسألة عبر رصده.
وأضاف عامر إنّ العمل الإنساني له مواصفات لن تغيرها الـ"سوشال ميديا" ولا غيرها، وبالتّأكيد هناك من قدّم دعمه ومساعدته وابتعد عن رصد نفسه للكارثة، فهؤلاء هم الحقيقيون وهم من يجب البحث عنهم وشكرهم.
أيضاً العمل كمراسل صحفي لوسيلة إعلاميّة مختلف تماماً عن "يوتيوبر" يوثّق ما يشاء، ويستجدي العطف ممن يخطر على باله عبر صفحاته الخاصّة.
على الرّغم من الفرق الكبير بين الصّنفين الذين أشرت لهما أعلاه؛ إلا أنّ النّاس ما زالت تخلط بينهما كثيراً، فالإعلام له قواعد وأصول (لمن يود) بينما الـ"سوشال ميديا" لا قواعد لها ولا أصول (لمن يود).
ختم عامر قائلاً " كل من أضاف بأنّ (س) أساء لنا ولصورتنا كسوريين، أقول لهم لقد أساء لنفسه فقط، فهو لا يعبر إلا عن شخصه، ولولا صفحة الفيسبوك والإنستجرام والعالم الافتراضي لما عرفته النّاس ولا سمعته بوهمه.
الساعة ٢٥
عدي السلامي