العزوف عن الزواج قرار أم ظروف ؟؟
الساعة25- أسامة ياسين:
أصبحت ظاهرة التأخر في الزواج أو العزوبية المتأخرة لدى الشبان والشابات ظاهرة واضحة ومتفاقمة وتسترعي الاهتمام في مجتمعنا السوري والتساؤل هل هي قرار أم نصيب خصوصاً بعد الأزمة التي حلت في بلدنا.
حيث تفيد رئيسة ديوان المحكمة المذهبية بالسويداء السيدة ثراء المحيثاوي أنه على سبيل المثال في سنة 2017 كان عدد عقود الزواج المسجلة (1621) منها (731) حالة زواج مكتوم (لا يحتاج إلى موافقة شعبة التجنيد).
و عدد حالات الطلاق المسجلة بالمحكمة (488).
ويوضح لنا الشيخ بشار أبو حمدان أمين سر مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز والمسؤول عن تثبيت عقد المشايخ (العقد الديني):
لجأنا إلى تثبيت عقود الزواج الديني (عقد المشايخ) من أجل ضمان حقوق الزوجة خلال المدة التي تسبق تثبيت العقد في المحكمة لأن الزواج المكتوم لا يثبت إلا بعد حصول (حمل) وقد يحصل انفصال أو وفاة خلال المدة قبل التثبيت.
يقول باسم 37 سنة لم أتمكن من الزواج فبعد تخرجي من الجامعة توظفت مع بداية الحرب في سورية وفي هذه الفترة بدأ الدخل يتقزم فكيف لي أن اتحمل أعباء الزواج.
وحمّلت نسرين ذات ال 33 ربيعاً مثيلاتها من الفتيات مسؤولية التردد حيث قالت أحلامنا نحن الفتيات لها دور كبير فيما يحصل أيضاً، الفتيات في سن العشرين عندما تكون في موقع يؤهلهن للاختيار والانتظار يحلمن بالشاب الوسيم جداً والثري جداً وصاحب المركز الاجتماعي، وهذه المتطلبات يعجز الغالبية الساحقة من الشباب عن تحقيقها مجتمعة، تمر السنوات وهنا تقع الفتيات بين مطرقة العنوسة وسندان التنازلات.
أما الدكتورة حنين 34 سنة فتقول تقدم لي الكثير من الخاطبين في المرحلة الجامعية
لكني فضلت العلم وكنت أرفض التفكير بالأمر إلى أن وجدت نفسي على أبواب الثلاثين، ولم يعد يتقدم لي سوى الأرامل أو المطلقين من السوية العلمية التي تناسبني وهذا ضيّق الخيارات أمامي.
ولهذه الظاهرة الكثير من الانعكاسات السلبية التي تؤثر على المجتمع والأسرة وهنا نستند لرأي الدكتورة ريما الحجار /مدرسة في جامعة دمشق قسم علم الاجتماع/ فتبين أن ظاهرة العزوف عن الزواج والتردد باتخاذ القرار ناتج عن عدة أسباب منها ضعف الحالة المادية والغلاء المعيشي، ووضع الخدمة العسكرية لدى أغلب الشباب، إضافة إلى هجرة الكثير منهم إلى الخارج وبعدهم عن مجتمعهم، وكذلك ارتفاع نسبة الإناث قياساً للذكور في سوريا بالعموم.
وتضيف: أيضاً تغير منظومة العلاقات الاجتماعية والأخلاقية وانتشار العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والتي تعتبر سبباً ونتيجة بنفس الوقت، وانتشار حالات الطلاق بشكل غير مسبوق ولنفس الأسباب السابقة مما يخلق شعور عند بعض الشباب بأن مؤسسة الزواج غير مجدية أو مؤسسة فاشلة.
وعن الآثار السلبية لهذه الظاهرة تفيد الحجار أنها كثيرة ولكن أهمها ظهور فوارق عمرية كبيرة بين الآباء وأبنائهم (جيل من الآباء المسنين) مما يشكل صعوبة في التفاهم بينهم وإيجاد طرق سليمة للتعامل معهم.
أما عن الحلول المقترحة فتذكر منها:
فتح مجالات العمل أمام الشباب ومحاربة البطالة بشكل جدي، إضافةً إلى مساعدة المقدمين على الزواج من ناحية تقليل متطلبات أهل الفتاة بشأن المهور وتكاليف الزواج ومظاهره الباذخة.
وتبقى مؤسسة الزواج مهما تأخر بها الشباب والشابات هي الخطوة الأكثر أهمية في حياة الفرد والمجتمع، لكن تنوعت العقبات التي تقف أمام الاختيار ما بين صعوبات خلقها المجتمع والعادات والتي يمكن تخطيها بالتوعية المجتمعية والتربية، وبين صعوبات فرضتها الظروف الحياتية والمعاشية الصعبة التي أفرزتها التناقضات والفروقات الاجتماعية والمادية الكبيرة في مجتمعنا.