الكهرباء في سوريا بالعام 2024: سيناريوهات مرسومة قد تكشف عن نتائج كارثية؟!
سيناريو حكومي في سورية جديد لرفع أسعار الطاقة الكهربائية مع بداية العام 2024، بذريعة التحسين والتوفير كالعادة، في حين تشير كل المعطيات إلى خطة حكومية ممنهجة هدفها استكمال تحرير أسعار الطاقة الكهربائية، وربما بطريقها إلى ذلك تستكمل مهمة تقويض الإنتاج المحلي، الأمر الذي ينذر بموجة غلاء جديدة قادمة خلال عام 2024، ستشمل جميع أسعار المنتجات والسلع والمواد والخدمات!
صحيفة "قاسيون" السورية رصدت في تقرير لها عن السيناريوهات المرسومة لواقع و اداء الكهرباء في العام 2024.
حيث أشارت في تقريرها أنه نقلا عن مصادر داخل وزارة الكهرباء، بحسب ما نشرته مواقع الإعلامية محلية نهاية الأسبوع الماضي، عن «استكمال دراسة جديدة تهدف إلى توحيد أسعار الكهرباء لمختلف القطاعات، بما في ذلك الصناعي والسياحي، بهدف تحسين توزيع الأعباء وزيادة الإيرادات».
وبحسب المصدر، «تهدف الدراسة إلى توحيد استجرار أسعار الكهرباء ( الصناعي و السياحي والخطوط المعفاة من التقنين) ليصبح سعر الكيلو واط الواحد 1500 ليرة، بعد أن كان للصناعيين والسياحة 600 ليرة، والخطوط المعفاة 800 ليرة».
وأعلن وزير الكهرباء، خلال شهر أيار الماضي، بأن «الوزارة تتجه إلى رفع أسعار الكهرباء، لأنها لم تعد قادرة على تحمّل تكاليفها»، وقد كان ذلك خلال اجتماع المجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال.
وبنفس الشهر أوضح معاون وزير الكهرباء أدهم بلان، لإذاعة شام إف إم، أن «هناك عدة سيناريوهات تدرسها الوزارة لرفع التسعيرة، فإما الاستمرار بالتسعيرة الحالية وبقاء مشكلات الدعم والعجز الاقتصادي، أو من خلال الرفع الصادم مباشرةً، أو الرفع التدريجي، أو من خلال إصلاح التسعيرة بما يتناسب مع إمكانات الوزارة لاستمرارية تقديم الخدمة بشكل أفضل وتطوير قطاع الكهرباء، وهو الأمر الذي سيجري اتباعه»!
الأحاديث الرسمية أعلاه كانت التمهيد للزيادة السعرية التي طرأت على أسعار الطاقة الكهربائية في شهر أيلول الماضي، بالرغم من أن الخدمة لم تصبح أفضل بحسب الوعود!
والحديث الجديد أعلاه هو التمهيد لاستكمال السيناريو المرسوم خلال عام 2024، وصولاً إلى تحرير سعر الكهرباء على ما يبدو تحت عنوان إصلاح التسعيرة، وأيضاً مع عدم ضمان تحسن الخدمة!
من الواضح أن السيناريو أعلاه (توحيد أسعار الكهرباء لمختلف القطاعات) بحسب صحيفة " قاسيون" ، يعني بالواقع العملي خطوة جديدة إضافية نحو استكمال تحرير سعر الطاقة الكهربائية، أي استكمال إنهاء الدعم عنها، بما في ذلك ربما لقطاع الاستهلاك المنزلي!
ومن المؤكد أن زيادة أسعار الطاقة الكهربائية وفقاً للسيناريو المزمع لن تتوقف آثارها السلبية على القطاع الصناعي والإنتاجي، أو السياحي والخدمي وحسب، بل ستنعكس على المواطن بشكل مباشر على مستوى أسعار السلع والخدمات في الأسواق، بالإضافة إلى ما يمكن أن يطال الاستهلاك المنزلي من زيادة في أسعار الطاقة الكهربائية أيضاً بحال استكمال سلسلة القطاعات المستهدفة من الزيادة السعرية المرتقبة على الطاقة الكهربائية لتشمل هذا الاستهلاك!
الطاقة الكهربائية هي عماد العملية الإنتاجية في القطاع الصناعي، سواء تم استجرارها عبر الشبكة الرسمية، أو تم توليدها من خلال مولدات تعمل بالمشتقات النفطية، أو عبر مصادر الطاقات المتجددة، وبالتالي فإن أية زيادة سعرية على حوامل الطاقة، بمختلف مسمياتها ومكونات مفرداتها، ستؤثر على العملية الإنتاجية بتكاليفها، مع سلسلة غير منتهية من التداعيات السلبية الأخرى!
فهل رفع أسعار الطاقة الكهربائية على القطاع الصناعي سيحقق هدف تحسين توزيع الأعباء وزيادة الإيرادات، بحسب ما ورد أعلاه عن لسان المصدر في وزارة الكهرباء؟
وهل ذلك يعتبر دعماً للصناعة والإنتاج، أم خلق المزيد من الصعوبات بالنسبة للقطاع الصناعي؟!
وهل هدف زيادة إيرادات وزارة الكهرباء أهم من هدف استمرار العملية الإنتاجية؟!
أم أن إضعاف هذا القطاع هو هدف بذاته، وصولاً إلى استكمال تقويضه ووأد ما تبقى من صناعات محلية كنتيجة؟!
بحسب وزير الكهرباء بتاريخ 20/8/2023 خلال حديثه عبر قناة السورية أن «تكلفة إنتاج الكيلو واط من الكهرباء هي 1300 ليرة سورية»!
على ذلك فإن السعر المستهدف بحسب السيناريو أعلاه بمبلغ 1500 ليرة للكيلو واط للقطاعات المستهدفة هو تحرير سعري تام للطاقة الكهربائية!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن التستر بعبارة «توزيع الأعباء وزيادة الإيرادات» من خلال فرض المزيد من الزيادات السعرية على الطاقة الكهربائية وصولاً إلى تحريرها السعري، وفقاً للسعر المعلن أعلاه بالمقارنة مع التكلفة التي تحدث عنها وزير الكهرباء، يغطي كل مسارب النهب والفساد التي تزيد من تكاليف التوليد في محطات التوليد العاملة، بل والمتوقفة كلاً أو جزءاً، وكذلك يغض الطرف عن تكاليف الفاقد الكهربائي أيضاً، سواء كان هذا الفاقد فنياً بسبب تردي الشبكة، أو تجارياً بسبب السرقة والتعدي على الشبكة، علماً أن هذا الفاقد يشكل نسبة لا يستهان بها من التكلفة المحسوبة المعلنة أعلاه!
لسان حال بعض الصناعيين يقول «رضينا بالبين والبين ما رضي فينا»، فواقع الحال أنه على الرغم من وعود تحسين توريدات الطاقة الكهربائية للقطاع الصناعي المتكررة، وعلى الرغم من الزيادات السعرية على أسعار الطاقة الكهربائية خلال الفترات السابقة، إلا أن التيار الكهربائي بقي على حاله من السوء والتردي بما يخص ساعات التزود وساعات التقنين!
فبعد الزيادة التي طرأت على الطاقة الكهربائية خلال شهر أيلول الماضي نقل عن رئيس لجنة منطقة العرقوب الصناعية بحلب تيسير دركل تصريحات صحفية أوضح فيها أن «ارتفاع تعرفة الكهرباء على التشغيل الصناعي يؤدي إلى ارتفاع كلف الإنتاج والذي بدوره سيرفع أسعار المواد المصنعة بالاعتماد على الطاقة الكهربائية». وأكد أن «ارتفاع تعرفة الكهرباء يشكل عبئاً إضافياً وكبيراً على الصناعيين، ولكن رغم ارتفاع الأسعار إلا أن الكهرباء لا تتوفر، ففي المناطق الصناعية مثل منطقة العرقوب لا يتجاوز وصل الكهرباء إليها 8 ساعات يومياً، إضافة إلى عدم انتظام ورود الكهرباء الذي يتسبب بتعطل حركة الإنتاج والتوجه نحو المحروقات غير المتوافرة أصلاً بالكميات الكافية لارتفاع أسعارها في السوق السوداء»!
والآن مع تكرار السيناريو الذي بدأ بتسريبات تمهيداً للتنفيذ بما يخص الزيادة السعرية المرتقبة على أسعار الطاقة الكهربائية خلال عام 2024 فلا ضمانة أن الطاقة الكهربائية ستتوفر للصناعيين وللعملية الإنتاجية!