2022 Oct 11

بالأرقام.. كيف يتم تغذية « السوق السوداء» في سورية بالبنزين و المازوت؟

أمام هوْل المصائب المنهمرة فوق رؤوس السوريين، لم يكن ينقصهم من نكبة سوى أمراء السوق السوداء الذين يصنفهم الكثيرون على أنّهم أخطر أمراء الحرب بعد أن حوّلوا البلاد إلى سوق سوداء: للمحروقات والتخزين والسلع المدعومة و الدواء و الطحين و الغذاء و التهريب، فيما لم يتبق خارج الدائرة سوى الهواء.

القائمون على هذه السوق يظهرون قدرة على توحيد أسعارهم لكنهم يتركون لزبائنهم هامشاً للطمع والجشع. فلاحقاً سينعكس الأمر عليهم ويسيرون هم أنفسهم على السعر الذي يسوقه هؤلاء الزبائن. الذين يميلون عادة الى رفع سعر السوداء ليبرروا طمعهم الزائد وأسعارهم الفاحشة ؟

موقع "سيرياستيبس" المحلي أشار في تقرير له أن  سؤال "الاتهام " الرئيسي الذي يوجهه الجميع للحكومة هو "من أين تتم تغذية السوق السوداء بالمشتقات النفطية ؟" لافتاً إلى أن الحكومة هنا ليس ذنبها في بقاء المجال متاحاً للسوق السوداء فهو فوق قدرتها وطاقتها طالما أنّ مشروع أتمتة كافة مراحل انتقال المشتقات يسير ببطء.

وأضاف الموقع أنه مع وجود الإصرار على عدم تغيير نسبة من يبيع المشتقات النفطية كحل مطروح. ومن أجل ذلك تحوّل أصحاب الكازيات الى أهم وأشهر الحرامية " المستعصين " في البلاد. وللأمانة كلهم مسنودين ومدعومين أكثر من كل الشعب الذي يُدعم. وفقاً للموقع.

وبيّن التقرير المحلي أن مسؤولية الحكومة هي في تراخي أجهزتها الرقابية والتموينية. التي تعتمد على "المعالجة بالنقص "تماما " كالادارة بالنقص ". بمعنى أننّا نقرأ يومياً عن مخالفات وكبسات تموينية على حرامية المشتقات النفطية. ولكن هذا لم يمنع السرقات ولم يؤثر على السوق السوداء قيد أنملة. بل إنّ السوق السوداء تتفرد هذه الايام بتسعير كل شيء بلا استثناء.بمعنى أنّ أوراق الأسعار التي تصدرها وزارة حماية المستهلك هي "للكبسات بالنقص" التي أشار الموقع إليها اعلاه فقط

وفي سياق الإجابة على سؤال: من أين تتم تغذية السوق السوداء؟ نقل الموقع عن مصادر خاصة وموثوقة ما يلي:

المصدر الأول للبنزين والمازوت في السوق السوداء. هو قيام الكثيرين ببيع مخصصاتهم المدعومة وبالسعر الحر. للاستفادة من فارق السعر بين المدعوم والسوداء وبين الحر والسوداء. وهي بحسب معلوماتنا تتم بارقام كبيرة. ويمكن تبريرها بحاجة الناس الى المال لمواجهة الغلاء الذي تتسبب فيه السوق السوداء نفسها التي تتم تغذيتها بالمخصصصات ؟.

وانتقل الموقع الى المصدر الثاني والذي هو وبكل تأكيد الكازيات التي لديها سلسلة متكاملة للسرقة سائدة ومنذ سنوات طويلة ولم تجد مسؤولا واحداً ولا إرادة حكومية يقوم بإيجاد حلول جذرية بإيقافها. وكلنا يعرف الاسباب المباشرة وغير المباشرة لعدم القيام بذلك ؟.

وتابع الموقع المحلي في تقريره مبيناً أنه لو تلقت كازية ما طلب بـ 22000 لتر بنزين أي حوالي 1100 تنكة ولو تمت سرقة 1 لتر فقط من كل تنكة يعني هناك سرقة بالحد الأدنى 1100 لتر من طلب واحد فقط. وتسائل الموقع: هل تتخيلون حجم السرقات؟

الموقع قال: إن "وزارة النفط لن تتمكن من توزيع أكثر من 170 طلب باليوم طبعا يقابلها220 طلب مازوت. وهكذا لتتخيلوا حجم السرقة هذا لو تم الاكتفاء بسرقة لتر واحد من كل تنكة. علما أن مايحدث أنّ الكازية تسرق اكثر من ذلك بكثير. هذا ولم نتحدث عن وقاحة أصحاب الكازيات بالمتاجرة والتصرف بالاحتياطي الاستراتيجي. وحيث يجب خضوعهم لقوانين اشد من القانون 8 نفسه.الذي مازال مسكينا للاسف أمام قوة مؤسسة الفساد وحماتها؟"

وأشار الموقع أنّ كل القطاع العام يستلم مازوت بلا بطاقة اي " دوكمة " أي يتم توزيع مازوت يكفي نظريا ً للآليات الموجودة لدى القطاع العام دون وجود معلومات دقيقة عن عدد هذه الآليات وما يعمل منها فعلاً وكم تعمل من الساعات .

وبحسب الموقع: الواقع يقول أنّ اغلب الآليات متوقفة، ويمكن آن نذكر هنا على سبيل المثال آليات الشركات الإنشائية. ما يعني وجود حجم كبير من السرقات المجانية. وتذكرونا لو حاولت وزارة النفط أتمتة المازوت الذي يعطى لهذه الآليات واشتراط عملها كي تحصل على القود ماذا سيحدث .. سيظهر من يصور الأمر على أن إعادة اعمار سورية ستتوقف بسبب تنظيم توزير المشتقات على هذه الاليات ووقف هدرها الكبير جداً؟

مثلا باص للقطاع العام يحصل على 300 لتر عندما لايعمل لسبب أو لآخر فإن المازوت الذي حصل عليه حكماً سيتم ضخه في السوق السوداء. وتخيلو كما من المازوت والبنزين يتم ضخه في السوق السوداء لعدم وجود بيانات ومعلومات ولعدم وجود أتمتة وأجهزة تتبع ومراقبة ؟.

وأما سرقة أصحاب الصهاريج من مستودعات التحميل، أوضح التقرير أنه لو سرق كل صهريج 100 لتر فقط وتحجج بانها ارتيابات بالقياس فهذا يعني سرقة 22000 لتر مازوت و 17000 لتر بنزين وهكذا..

وللتأكيد على أنّ السرقات مازالت كثيرة ومغذية للسوق السوداء بسخاء .. تساءل الموقع: كيف يمكن لاتحاد ما كاتحاد الفلاحين مثلاً , لديه ترخيص كازية أن يعطيها استثمار للقطاع الخاص مقابل مبالغ فلكية. لو لم يكن هناك ايرادات من سرقة محسوبة سلفا. إلا إذا كان هناك من سيقول أنّ الايراد الذي يحصل عليه صاحب الكازية. والمحدد ب 1% عمولة يكفي للجميع ؟

وأكد الموقع أن الحقيقية وببساطة شديدة أن الجميع يعرف بالسرقات التي تحدث في قطاع توزيع المشتقات النفطية أو مساهم فيها أو مستفيد منها. ولن تستقيم الامور إلا بالأتمتة واتخاذ قرارات شجاعة بوقف نزيف الوقود الذي يتوجه إلى السوق السوداء ليباع ب 7000 او 8000 ليرة لكل لتر. بينما كل الناس تدفع بناء عليه وحيث لايبدو الدعم الذي تقدمه الدولة اي اثر أو تأثير.

وأضاف التقرير أن شوفير التكسي وكل وسائط النقل وكل السلع المنتجة يحاسبنا أصحابها على سعر مازوت وبنزين حر ..والجميع لايعترف ولايضع البنزين والمازوت المدعوم الذي يحصل عليه في عملياته الحسابية. فقط التسعير يتم على سعر السوق السوداء تماما. كما يحدث في السلع المستوردة الممولة بالسعر الرسمي وحيث تسعر على سعر صرف السوداء.

وختم الموقع المحلي تقريره بالقول أننا نعيش في بلاد سرق نفطها وسلب خيراتها، وكل ما تتمكن من استيراده لايكفي حاجة استهلاكها، وكما أن إدارة النقص يمكن أن تساعد في تحقيق حالة من العدالة وليس الاكتفاء فإنّ ضبط السرقات ومنعها وأتمتة كافة مراحل توزيع المشتقات من شأنه أن يوسع هامش توزيع المواد المدعومة. فالسوق السوداء تشكل حالة من الضغط على الناس والفعاليات وتأثيراتها على معنويات الناس واحساسهم اتجاه دولتهم خطير.

بزنس 2 بزنس

 

خاص