بين الطالب والأهل والمدرسة .. أين الحلقة المفقودة في التسرب المدرسي؟؟
الساعة25- ندى بكري:
الحادية عشر صباحاً وقت يقارب انتصاف عقارب الساعات الدراسية اليومية التي من المقرر أن يحصل الطلاب عليها، حيث تأخذك الصورة النمطية بالحال إلى مشهدِ طلابٍ على مقاعدهم الدراسية ملتزمين بإتمام يومهم بأكبر قدر من الفائدة العلمية، وعلى خلاف هذه الصورة إن مسير ساعة واحدة في شوارع السويداء سيكون كفيلاً بإدخال الاستثناءات على تلك الصورة.
بحقيبته المدرسية ولباسه النظامي يجلس الطالب (مجد) في إحدى الحدائق ينادي زميله (علاء) يتبادلان الكلمات، ثم يقرران الإجابة على سؤالنا: لماذا لستما في مدرستكما؟ (مجد) يبرر تسربه اليومي من المدرسة (وهو طالب حادي عشر -فندقة) بإلقاء اللوم على الكادر التدريسي في مدرسته، غير القادر على ضبط الحصص التدريسية على حد تعبيره، لذا اختار البقاء خارج أسوار المدرسة كونه غير قادر على فهم شرح المدرس، فيما يؤيد (علاء) كلامه، ويتابع "حتى الأساتذة بيشوفونا فالين وما بيحكونا شي".
وبانتقالنا إلى مكانٍ آخر ضمن سوق مدينة السويداء التقينا بطالبين من مدرسة شكيب أرسلان (الصف العاشر)، وبجرأة الواثق يقتربان منا ويحدثاننا عن حالهما الدراسي: حيث يقول (تمام) إنه يواظب على حضور حصصه الدراسية في مدرسته باستثناء حصص لمادة واحدة يشعر وزميله (سامي) أن مدرسها غير قادر على إيصال المعلومة لهما لذا يغادران المدرسة في حصص هذا المدرس مستعيضين عنها بدروس خاصة في منزلهما، فيما أشار (سامي) إلى أن ترك المدرسة يجب أن يكون بوعي لا بهدف إلغاء المادة فهو يرى في خروجه من صفه فائدة كونه يتوجه إلى مدرسه الخاص فيحصل على ما يريده من معلومات.
حملنا ما نملك من معلومات وتوجهنا إلى إدارة مدرسة شكيب أرسلان فكان لنا لقاء مع مديرها (سمير عكوان) الذي يصف نفسه بالمدير الميداني فهو يتفقد شؤون المدرسة بنفسه لذا فضل أن يكون حوارنا ضمن جولة في أروقة المدرسة، شرح خلالها طريقة التعاون بين الأقسام الإدارية في المدرسة للتأكد من عدد الطلاب دورياً خلال اليوم وفي حال وجود غياب يتم التواصل مباشرةً مع الأهل وذلك حفاظاً على الطالب، الأمر الذي أكده لنا طلاب التقيناهم داخل المدرسة.
ويتابع الأستاذ سمير: نحن في المدرسة فعّلنا دور الإرشاد النفسي حيث يتم تشكيل مجموعات طلابية و تقديم دعم نفسي بتوضيح أهمية الالتزام بقوانين المدرسة، وقد أثبتت هذه الوسيلة نجاحها في مدرستنا، ومع هذا نحن نعاني من عدم متابعة بعض الأهل لأداء أبنائهم دراسياً، وقلة التواصل معنا، واكتفاء البعض الآخر بتوفير الدروس الخصوصية لأبنائهم فيخلقون بلبلة ضمن المدرسة، فهذا يجعل ابنهم غير مهتم بالحصة الدرسية ومصدر فوضى فيها وبالتالي يؤثر سلباً على زملائه من المهتمين بتحصيلهم العلمي أو غير المتاح لهم الحصول على دروس خصوصية.
وجهة نظر إدارة المدرسة جعلتنا نزور بعض أولياء الأمور للتوضيح فالسيدة (ولاء) وهي أم لطالب بكالوريا علمي أصرت أن ابنها لا يغادر المدرسة قبل انتهاء الدوام -حسب ثقتها به- وجزمت أن تسرب بعض الطلاب من المدرسة هو نتيجة عدم قدرة المدرسين على التواصل بمحبة مع الطلاب وبالتالي عدم فهم الدرس وقالت أنها ستقدم لابنها أية دروس خاصة يطلبها منها فهي سنة مصيرية في حياته.
على جبهات ثلاث تتأرجح العملية التعليمية معلنةً حالة من التخبط وانعدام الرؤية والحل، بين الطالب وأولياء الأمور وإدارة المدرسة، ونأمل أن يبقى هذا الموضوع هاجساً في ضمير وعقل المسؤولين أصحاب العلاقة لمعالجته، مع الأمل بغدٍ يضبط بحزم أكثر أهم مفصل من مفاصل بناء الدولة وهو التعليم.
ملاحظة: أسماء الطلاب الواردة في المادة وهمية وذلك نزولاً عند رغبة أصحابها.