بين فستانٍ وإضاءةٍ وتصوير يتلاشى حلم الزواج للمواطن الفقير
السويداء25- هبة حسون:
في الوقتِ الذي تقعُ فيه الغالبية العظمى من أبناء المحافظة تحت خط الفقر .. وبراتب معاشي لا يكفي للمواطن قوت بيته وأجور مواصلاته .. يلجأ البعض إلى إقامة حفل زفاف ضخم يتمّ دعوة مئات الأشخاص إليه عن غير قناعة، وفقط بهدف تقليد قريب أو صديق حتى ولو التجأ صاحبها للاستدانة.
كأنما وقع المجتمع في فخ المباهاة وصريع مظاهر كانت ولا تزال تثبت جهل وسطحيّة من يتبعها...
فبين مليون ونصف إلى مليوني ليرة أجور "ليلة العمر" كما يسميها العامة، يدفعها صاحب العرس، ويكلّف نفسه أعباءً كبيرةً إضافيةً ثم يقضي بقية حياته راكضاً متوسلاً ليسدد ديون وقروض بيتٍ ومفروشاته، وأدواتٍ كهربائية بالكاد استطاع تأمينها.
يقول فراس (موظف في إحدى دوائر الدولة ): بلغت تكلفة عرسي مليون و600 ألف ليرة .. توزعت بين 180 ألف ليرة أجرة صالة زفاف متواضعة، و100 ألف زينة وقرابة 300 ألف ضيافة مقبولة، و500 ألف ليرة لباس لي ولعروسي وعائلتي، أما عن صالونات التجميل فحدث ولا حرج فقد بلغت تكلفة زينة عروسي 100 ألف وهي غير مبالغة في التزيين، و200 ألف تصوير ووغيرها من تكاليف سيارة زفاف وهندسة صوت وما إلى هنالك من تفاصيل تقليدية ترهق كاهل المواطن.
وهنا لا بد من السؤال.. هل تستحق هذه الليلة كل هذه البذخ والتفاخر والتكاليف الباهظة ؟؟
وهل من المعقول لموظف لا يتجاوز دخله 70 دولاراً أن يبذل قرابة 3000 دولاراً تكاليف ليلة لا يتحمل عواقبها، فقط ليضاهي عرس جاره أو ابن عمه..أو ليصنع لعروسه طقوساً ملكية كما صديقاتها؟؟
مع العلم أنّ أصحاب هذه الأعراس تفتقر حياتهم الواقعية إلى أبسط مكونات الترف، هذا عن الفئة المتوسطة من غالبية الشعب .. فماذا عن حفلات الأثرياء!!
يقول أحد منسقي الحفلات " بلغت تكلفة عرسٍ في أحد المطاعم الراقية في المحافظة ما يقارب ستين مليوناً، حيث كان من "الأعراس الملكية" كما وصفها الحضور .. استخدمت فيه أحدث تقنيات التصوير وشاشات عرضٍ وبوفيه مفتوح قدمت فيه أطعمة من الأشكال كافةً، وتخلل الزفاف عرض فني أحياه مطربون و فرق راقصة..
هذه المظاهر وغيرها .. دفعت الكثيرين للخروج بمبادرات خيرية مجتمعية هدفها تخفيف عبئ تكاليف الزواج على الشباب غير القادر عليها.
فكانت مبادرة الأعراس الجماعية أو "عيد العزابي " في صلخد حيث انطلقت فكرتها من عجز أغلب الشباب عن تأمين نفقات الزفاف خصوصاً في ظل هذه المبالغات.
حيث قال حسام أبو خير المسؤول عن مبادرة عيد العزابي "ساعدنا في هذه المبادرة بتزويج عشر شباب وبدعم من فعاليات اقتصادية كثيرة في المحافظة وفي بلاد الاغتراب التي غطت تقريباً كل تكاليف الزفاف حيث بلغت بين 3 إلى 4 مليون ليرة وسنستمر بهذه الفكرة كل عام بنفس التاريخ، فقد كان زفافاً جميلاً بدون مبالغة"
لا شكّ أنّ المال وُجدَ ليُصرَف وهو ليس غايةً بحدّ عينها بل وسيلة لعيش حياة أفضل، ولكن يجب أن نعرف أين وكيف نصرفه في مكانه الصحيح، فما زاد عن حده انقلب إلى ضده، وما أجمل العودة إلى عاداتنا الأصيلة في المجتمع الريفي والاقتصار على الأساسيات المعقولة ومراعاة مشاعر الآخرين، فمن يرغب بالتفاخر يمكنه التفاخر في خدمة المجتمع وهذا يعطيه مردوداً اجتماعياً وضميرياً أفضل من التفاخر بحفل زفاف.