تجاوزت التسعين ولم تفقدها السنون حب العمل والحياة
السويداء25_ سانا
بين ذكريات الماضي وتفاصيل الحاضر المعاش تجسد الجدة أم شحاذة” “دمعة العبد الله” ذات الـ 93 عاما قصة من قصص صمود الإنسان السوري وتشبثه بالأرض وإصراره على العمل والحياة.
“أم شحاذة” التي خطت السنون أثرها على وجهها الممتلىء بالتجاعيد بعد أن عارك غبار الزمن الصعب تشدك بحديثها وهي تروي ضمن منزل ولدها الوحيد “شحاذة سليم البني” في بلدة الكفر بالسويداء تفاصيل دقيقة عن محطات حياتها المليئة بالكثير من الذكريات بحلوها ومرها.
تحتفظ “أم شحاذة” رغم عمرها بحيوية ونشاط وحب متأصل للعمل والعطاء فترى يديها المحملتين بأثقال الحياة ما زالتا تبرعان في فن الحياكة بالسنارة وصناعة القش رغم ما تتطلبانه من دقة وصبر ورؤية جيدة .
القدرة والجلادة على العمل والروح الجميلة لدى “أم شحاذة” لا تعكس رحلة معاناتها التي بدأت منذ نعومة أظفارها مع وفاة والدها كما تقول وهي بعمر ثلاث سنوات في قرية “العانات” لتجد نفسها خلال ترعرعها في ظروف صعبة مضطرة للعمل في الأرض والزراعة وتربية الحيوانات في سبيل لقمة العيش.
ورغم زواجها وانتقالها إلى “بلدة الكفر” قبل أكثر من ستين عاما لم تعرف “أم شحاذة” على حد قولها الراحة فهي اضطرت لتربية أبناء شقيقها بعد طلاقه لزوجته إضافة إلى معاناتها من وفاة سبعة من أبنائها بعد أن تمضي أيام على ولادتهم ليرزقها الله فيما بعد بولدها “شحاذة” الذي أدخل السرور إلى قلبها.
فرحة الجدة “أم شحاذة” تلونت لاحقا بغصة عقب وفاة زوجها فحرصت على مواصلة العمل بأرضه بين بساتين التفاح والكرمة محتضنة ولدها الوحيد الذي كان طفلا ليصبح اليوم “أبو عمر” رجلا تجاوز عمره الخمسين عاما وأنجب لها خمسة أحفاد جلهم في المدارس والجامعات يزينون بيت أسرتهم العامر في “الكفر” .
و”أم شحاذة” مازالت مصرة على محو قسوة الحياة وهي تقص ذكريات جميلة رافقت عمليات الزراعة والحراثة والحصاد وجني الغلال وقطاف التفاح ورعي المواشي وحلب الأبقار والماعز وخلافا لما هو معروف عن علاقة الكنة بحماتها تقول أم عمر “لينا البني” عن جدة أولادها إنها “بركة في بيتنا وأخت الرجال نستمد منها العزيمة والقوة منوهة بما تتمتع به من صحة جيدة دون أي أمراض لديها باستثناء ضعف بسيط بالسمع مع إشارتها إلى اعتمادها على الطعام الصحي كالبرغل واللبن والسمن العربي والزبيب والدبس .
وتضيف “البني” أن حماتها ما زالت تحرص حتى الآن على مشاركة الناس في الأفراح والأتراح فضلا أنها مازالت تجيد صناعة القش والحياكة حيث حاكت شرشفا صوفيا لحفيدها عمر الذي تزوج قبل أشهر كما شاركت العائلة بجني محصول التفاح الموسم الماضي.
ما تتميز به “أم شحاذة” دفع جارتها “أمينة نكد” 67 عاما التي تعرفها منذ 50 عاما لتصفها بأنها أم الكل مبدية إعجابها بهذه المرأة التي كافحت كثيرا في حياتها وتحملت مصاعب عديدة وتركت أثرا طيبا لدى أبناء بلدتها.