عام 2021 قد لا يكون الأسوأ في حياة السوريين..
الساعة 25:طلال ماضي
مضى عام 2021 على السوريين بطعم المر والعلقم الذي نتذوقه يومياً نحن غالبية الشعب السوري من الطبقات المسحوقة، ونحن على قناعة بأنه لن يكون أسوأ عام في تاريخنا، ولن تنته الأزمات بمجرد أن مالت عقارب الساعة إلى عام 2022 ونسأل الله أن يتلطف بنا وألا يكون عام 2021 بداية لواحدة من أسوأ فترات الحياة.
وعلى الرغم من أن كل هذه الأنباء السيئة المحيطة بنا قد تجعلنا نظنّ بأن العام 2021 هو الأسوأ على الإطلاق، إلا أنه ليس كذلك بالفعل، وما نلمسه من نبض الشارع عبر صفحات التواصل الاجتماعي يقول "نودع عام 2021 من دون أمل" أو حتى أفق قادم، والنفق على ما يبدو مظلم ظلمة الكهرباء التي تنقطع أكثر من 22 ساعة في اليوم، وترف أكثر من 24 رفة في الساعة .
الشعب السوري الذي اعتاد في حفلة رأس السنة أن يقيم مأدبة خاصة يجتمع خلالها الأهل، إلا أن تكلفة هذه المأدبة المتواضعة هذا العام لعائلة من خمسة أشخاص أكثر من 200 ألف ليرة سورية إذا قامت الأسرة بتحضير السفرة في المنزل، ولذلك قاطع الشعب اللحمة، وحديث رئيس جمعية اللحامين عن انخفاض الطلب على اللحمة في مكانه، والمسالخ لم تذبح عشرات الخراف كما هي العادة، والطلب على الموالح والفواكه والعصائر والمشروبات ومتطلبات الفتوش والسلطة في الحد الأدنى، ومع ذلك بعض التجار رفع سعر ربطة النعناع إلى 500 ليرة، والبقدونس إلى 350 ليرة، والخسة إلى ألف ليرة ، وكيلو الفروج الحي إلى 8500 ليرة..
الأمر ليس بيدهم إنه موسم عيد ويجب أن تقوم هذه الفئة القلية باستغلال الأسواق حتى لو كان البيع في حدوده الدنيا يجب أن يستمر مشهد الألم، وكأن القدر يقول للشعب السوري مُنع عليكم الفرح منذ عقد من الزمن وما زال ممنوعُ أن تفرحوا وإلى متى الله أعلم .
أزمات ونكسات مستمرة يمر بها الشعب السوري المسكين على مستوى الدواء والاستشفاء والأكل واللبس والنقل والتعليم والسكن والبناء والزواج والطلاق وبناء الانسان، وأزمات فيسبوكية ورأي عام مضطرب، والأنكى من ذلك أن هذه الازمات مستمرة وتتصاعد على الخط البياني بسرعة حيث بدأت العام ٢٠٢١ براتب بحدود 50 ألف ليرة وبيضة بسعر 100 ليرة، وختمت العام براتب 114 ألف ليرة وبيضة بسعر 500 ليرة، من دون أن تحدث كوارث طبيعية مثل ثوران بركاني كارثي، أو ضرب الموت الأسود كما حدث في اوروبا عام 1347م، ومن دون أن يعلم هذا الشعب ماذا يحدث في البلد .
المسؤولون في البلد يعتلون المنابر ومنصات التلفزة، ويتحدثون عن إنجازاتهم وخططهم السنوية والربعية والشهرية، ويقومون بجولات ويلتقطون الصور التذكارية مع المشاهد التمثيلية لآليات تعمل وأنهار تتدفق وتراب يرحل وقمامة تجمع وقبور تفتح، ويعيشون وكأنهم خارج التاريخ والجغرافيا لما يمر به الشعب السوري من أزمات متفاقمة وتتفاقم يومياً، ينظرون إلى شريحة من السوريين التي تعيش على حساب الشعب حجزت أماكنها في حفلات رأس السنة في الفنادق ذات النجوم المتعددة، والمأكولات المتعددة الغربية منها والشرقية، ويرشون في سهراتهم أم الطربوش على خصر الرقاصة ما تصرفه أسرة لمدة عامين متتالين، فكيف للمسؤولين أن يشعروا بهذا الشعب المسكين الذي يحمّص الخبز بدل الكعك، ويعيش على حشائش الأرض وحُمّص السورية للتجارة المسوس، همه دوره في ربطة الخبز ونقطة المازوت للتدفئة، ينتظر دوره في الحمام والكهرباء ليغسل ثيابه، وعرض مقتناياته الكهربائية للبيع من المدافئ الكهربائية والمكرويف والفرن الكهربائي، عينه على رسالة الغاز، ويده على جيبته الفارغة، وقلبه يدعي لأولاده بالشفاء كون الحصول على الأدوية بات متع من الخيال، ويترحم على من بلعهم البحر بالأمس .
وكل ما سبق يقول ومن دون الاستماع إلى كلام المنجمين أن الأسوأ قد لا يكون أتى بعد، وجميع المقدمات تدل على النتائج المنتظرة، والأمل وحده يدعونا للقول كل عام وأنتم بألف خير ..