علاقة عاطفية تجمع أهالي السويداء بالنشرة الجوية
الساعة 25: سماح فائق
شتاء 2018/ 2019 هو الأقسى برداً .. والأغزر مطراً .. والأطول مدةً.
ترى هل حان الوقت لنعلن رحيل ضيفنا الثقيل.
يتناول أهل السويداء أخبار الطقس وجبة يومية رابعة، لذيذة مرة .. وثقيلة صعبة الهضم مراراً.
شتاءٌ بارد يحفر التذكارات على قلوب أهل الجبل، فالكهرباء والمازوت والغاز عناوين عريضة تصلح لعدة روايات ..
يقال نكتب عن الغائبين كي نحيي ذكراهم فلا تنطفئ .. وها نحن اليوم نحيي ذكرى الغياب .. على أمل العودة.
نرثي حقوقنا البسيطة المفقودة ..
نرثي أطفالنا تحت الأغطية الصوفية..
نرثي أجساداً ارتوت من رائحة الغاز فسلمت الروح وغادرت على أمل اللقاء بمكان أكثر دفء.
"جبلنا هذا العام ... بصخور باردة" .. تقول سارة.
أما الشيخ عادل يقول "طلبت من ابني أن يعلمني على استخدام الجوال فأتابع أخبار الطقس ومحطات توزيع المازوت ومعتمدي الغاز .. وما في مرة لحقت الدور".
تمشي في شوارع السويداء فتقرأ علامات الحيرة والتعب والإرهاق،
حيث يمضي المواطنون أيامهم في تعقب أخبار الطقس ومواعيد تقنين الكهرباء وأماكن توفر الغاز ونقاط توزيع المازوت المدعوم والحر ، فلا تسمع لهم حديث إلا أولويات الحياة البسيطة وطرق تحصيلها.
أتابع صفحات التواصل الاجتماعي وأراها تتبدل حسب الطقس
فمثلاً يوم الصحو ستجد صوراً في الحدائق والمقاهي وتجمعات الشبان والشابات و (صبحيات السيدات) حتى واجهات المحلات وإعلاناتها تتناسب مع دفء اليوم وشمسه، وحين ينتشر خبر عن منخفض جوي قادم ترى صفحات الفيسبوك تضج بالتحذير والترقب.. حضانات الأطفال تعلن عن عطلة.. محلات الثياب تفرد بضاعتها السمكية وتروج لها.
أما حكاية الكهرباء فهي مسلسل تركي بأجزاء ... أهالي السويداء يرقبون مواعيد التقنين ومواعيد الوصل ويفاجأون بالقطع أثناء الوصل أحياناً .. فتمضي الساعات مثل (الديسكو)، مع عدم إنكار التحسن النسبي عن وضعها السابق.
ويصبح ضيفهم الأقرب مصلح الغسالات والبرادات بحكم أن "الكهربا عم تجي ضعيفة لدرجة أنو ما بتكهرب " على رأي حسن،
إلى أن أصبحت الكهرباء عندهم ترتبط بالنشرة الجوية، فما أن يحل المنخفض تهرب إلى غير رجعة ومع عودة الصحو تعود بالتدريج ..
موجعةٌ أخبار السويداء .. تتعاقب في مدّ وجزر يطال كل سبل الحياة .. وبانتظار الربيع يعد الناس ساعاتهم ببطءٍ وضيق علّ الفرج يكون بقدومه.