من سرق لقمة الفقير ؟!!..
اعتادت ستات البيوت أن يرضين أطفالهن بطعام سريع في حال عدم إعجابهم بالطبخة بكلمة "روح اقلي بيضتين وكل" , والبيض كان حتى الشهر الماضي أبسط ما يمكن تناوله ويسد الرمق, أما اليوم هناك من سرق هذه اللقمة من فقراء بلدي. ومن يريد إفطار أولاده بيض يحتاج يومياً إلى ٥٠٠٠ ليرة أي راتبه لا يكفي ثمن بيض من دون خبز وزيت وغاز وغيرها ..لماذا حدث ذلك ومن المسؤول؟.. المتهم ظاهرياً هو ارتفاع سعر الصرف أما في الحقيقة هي قلة الحيلة والعجز الإداري والفساد .
ياسادة عدت في الذاكرة إلى منح الدجاج الموزعة من قبل المنظمات الدولية وإلى تقاليد تربية الدجاج المنزلي وإلى نداءات الفلاحين حول تسويق محصول الذرة وحول مساحة الأراضي المزروعة بالشعير وإلى الدعم المقدم إلى الأعلاف وإلى حجم الهدر الكبير في الخبز اليابس وإلى طبيعة الدجاج الذي يرعى في البرية واستنتجت أن ما يحصل في سورية غير طبيعي ولا يمكن هضمه وتبريره.
قبل سنوات ليست بكثيرة كانت عجوز واحدة قادرة على إطعام حارة كاملة بالبيض وكانت قادرة على تفقيس الدجاجات والديوك من دون بحوث زراعية أو دعم مقدم ومن دون أعلاف, ولم تكن تعرف بسعر الصرف ولا التضخم وكان إنتاجها فيه البركة ويفيض عن الحارة وبعض التجار يشترون منها ويبيعون في المدينة , هذا من انتاج عجوز واحدة.
أما اليوم لدينا مؤسسات على مستوى كبير وكنا نصدّر الخبرة في تربية الدجاج إلى الدول المجاورة والناس تبتعد عن البيض الفقاسي وترغب بالبلدي والفري ومع ذلك هذه المؤسسات متهالكة وتدار بعقلية إدارية غريبة تصدّر لنا يوميا الأخبار السيئة عن قطاع الدواجن وتخبرنا بأن القادم أفظع .
وللعلم فإن دورة حياة الفروج ٤٥ يوماً والدجاجة قادرة على تفقيس العشرات خلال الموسم الواحد والدجاج يمكن أن يأكل أي شيء ومع ذلك لا أحد يلتفت إلى هذا القطاع وغير مهتم بلقمة الفقير ولا بإحداث مزارع كبيرة ولا تشغيل المزارع المتوقفة فقط , ونقوم بتحميل السبب على سعر الصرف وارتفاع الأعلاف.
ياسادة إنتاج البيض لا يحتاج إلى بكالوريا ولا ورشات عمل ولا بحوث زراعية , يحتاج إلى إيصال الدجاج البياض إلى من لديه رغبة بالتربية وإلى تشجيج التربية المنزلية ولو تم توزيع منح الدجاج التي تم الإعلان عنها في الإعلام إلى المربين الحقيقين كنا نصدر البيض اليوم, لكن للأسف وصلت منح الدجاج إلى السكين والذبح.
وبالرغم من كل ما حدث يمكن تدارك أخطاء الماضي والتدخل بقوة وتوزيع الدجاج على الأسر التي ترغب بالتربية الحقيقية ودعمها بالأعلاف لمدة شهر فقط وسنجد أن البيض عاد إلى موائد الفقراء, اشتغلوا بعقلية العجوز وستعود البركة للبيض وسنرى البيضة بصفارين .
الساعة ٢٥:طلال ماضي