وزارة التربية تتهرب من مسؤولياتها في حسم منع الجوالات في المدارس وتترك الصراع مفتوحاً بين الإدارات وأولياء الطلاب
من يتابع الكثير من الخلافات اليومية بين المدرسين والموجهين في المدارس وبين الطلبة وأولياء أمورهم يجد أن استخدام الجوال يتصدر هذه الخلافات، والسبب في ذلك تراخي وزارة التربية في إصدار التعاميم الواضحة في كيفية التعامل مع هذه الأجهزة، وفي حال مصادرتها لمن تسلّم ؟، وعلى مسؤولية من فقدانها في المدارس بعد مصادرتها ؟، والجميع يعلم أن سعر أقل موبايل حديث أكثر من 4 مليون ليرة سورية دون جمركته، أي الموجه يحتاج في حال فقدان أي موبايل مصادر إلى عمل عامين ونصف لتسديد ثمنه.
وزارة التربية في بداية كل عام تصدر مجموعة من التعليمات منها تحمّل مدير المدرسة والموجهين الإداريين المعنيين المسؤولية المباشرة عن وجود مظاهر إطالة شعر الرأس، أو إطلاق اللحى وعدم الالتزام باللباس المدرسي المعتمد وبروز مظاهر التزين واستخدام الحلي المبالغ فيه والتدخين والإساءة إلى الممتلكات العامة داخل المؤسسة التربوية، لكنها لا توضح للطلاب والكادر التربوي آلية وكيفية التعامل مع أجهزة الموبايل، وآلية مصادرته ولمن يسلّم ؟ , وفي حال تم سرقته أو في عطبه من يتحمل مسؤوليته ؟ وغيرها الكثير من النقاشات اليومية التي تحدث في المدارس وتعالج باجتهادات فردية من دون غطاء قانوني .
بحثت عن وجهة نظر وزارة التربية حول استخدام الموبايل وجدت تعاميم سابقة تعود لسنوات قديمة لم يكن سعر جهاز الموبايل بهذا السعر اليوم، ولا يشكل خطورة على الموجه أو المدير، وهذه التعليمات تقول أن السماح للطالب باستخدام الموبايل في المدرسة من وجهة نظر الوزارة أنه في بعض الحالات يضطر بعض أولياء الأمور للتواصل مع أبنائهم مما يولّد الحاجة لاستخدام الموبايل، وهذه الحالة يمكن لطلاب الصف الابتدائي حلقة أولى وتكون الأجهزة من النوع القديم لا تصور ولا تستخدم الانترنت، أما اليوم مع وجود موبايلات مزودة بـ 4 أو 5 كميرات وذات تقنية عالية مع طلاب الثانوي والإعدادي، وعدم وجود تعليمات تحدد الآلية التي يمكن من خلالها ضبط أو معاقبة الطلبة الذين قد يستغلون هكذا قرار للمشاغبة أو تعطيل الدروس أو تبادل صور مسيئة للأخلاق بينهم وبين زملائهم عبر الموبايلات، فالضحية الأولى هي العملية التعليمية، والثانية الكادر التدريسي، وأخيراَ ذوي الطلاب .
ويرى عدد من المديرين أن الأسلوب الأمثل لمصادرة الموبايلات يكون من خلال تشكيل لجنة ضبط الأجهزة على مستوى الوزارة تكون مزودة بقرار قضائي وإعداد نموذج مطبوع لمواصفات الموبايل المصادر ويتم تسليمه إلى هذه اللجنة أصولاً بحضور صاحب الموبايل أو ولي أمره مع الموجه أو مدير المدرسة، ولا يعاد هذا الجهاز إلى صاحبه حتى انتهاء العام الدراسي، وهنا يمكن حفظه في خزنة خاصة بالأمانات للأجهزة مع رقم ومواصفات, أما ترك الأمر على ما هو عليه يصادر الموبايل في المرة الأولى ويكتب الطالب تعهد، ومن ثم يطلب ولي أمره، ومن ثم قرار فصله، هذا الإجراء لم ولن يردع الطالب ولا ولي أمره من اصطحاب الموبايل إلى المدرسة والمشاغبة ضمن الصف، بينما في حال المصادرة من دون عودة قريبة للموبايل ستكون هذه الإجراءات رادعة للأهل قبل الطلاب .
وعلى وزارة التربية أن تتحمل مسؤوليتها وأن تحسم هذا الأمر وتنهي حال الجدال القائمة بين الطلاب والموجهين وأولياء الطلاب، وأن تمنع استخدام الموبايل بإجراءات حاسمة ورادعة وقرار لا رجعة عنه، أو أن تسمح باستخدامه ضمن الصفوف وأن تتحول الحصة الدرسية إلى حصة فيسبوكية .
كما على الوزارة إيجاد المبررات القانونية لمصادرة الجوالات، وفق تعليمات محددة تحمي مدير المدرسة من الغبن في حال قام ولي طالب بالشكوى عليه عبر القضاء، واتهامه بسرقة الجهاز أو قطع منه أو حتى إبداله بجهاز آخر وغيرها من الثغرات القانونية.
ومحاولة وزارة التربية توجيه العقوبات إلى الطلاب وترك الموبايل لن تحصد النتائج المرجوة وعليها أن تتعامل مع الموبايل في المدرسة بعقوبات أشد نحو مصادرة الجهاز وعدم تسليمه للأهالي قبل انقضاء عامل كامل، وأن تحمي الكادر الإداري والتوجيهي من حالة الصدام اليومية مع الطلاب، وأن تخلي مسؤولياتهم عن مصادرة أي جهاز أو فقدانه في المدرسة كون المدارس لا تملك خزنات آمانة ولا يوجد محاضر تسليم واستلام .
ومع التطور التكنولوجي الكثير من المدرسين لا يعرفون نوعية الجهاز أو مواصفاته لكتابتها عند المصادرة , فهل ستتخذ وزارة التربية تعليماتها الصريحة والواضحة والقانونية وتحسم الجدل حول استخدام الموبايل في المدارس، أم سنبقى ندور في دوامة كتابة التعهد والتشكيك والاتهام ومضيعة الوقت.
الساعة 25 : طلال ماضي