سبع أيام برد زلزلت عظام السوريين والمكاتب المُكيفة مشغولة بالكافيار واللموزين وبرفع أسعار المازوت والبنزين..
الساعة 25:نضال فضة
بينما البرد يفتك بالناس والظلمة تعمي الأبصار والبصائر يتساءل كل السوريين : ماذا فعلت حكومتهم لمساعدتهم على تجاوز زمهرير حذرت منه الأرصاد الجوية لمدة أسبوعين ؟ .. إذا كانت سبع أيام برد قد أخرجت شعب بأكمله عن طوره ومن جلده فماذا عن أولئك الذين يعيشون في بلاد الثلج والصقيع ؟.. هل الكهرباء و المحروقات هناك معضلة أبدية كما هنا ؟.. هل المسؤولون هناك غير هنا ؟ ..هل الحكومات القادرة بما يكفي لمنحنا كل شيء نريده هي أيضاً قادرة بما يكفي لتنزع عنّا كل شيء نملكه ؟.
بينما البرد يزلزل العظام ,هناك من هو مشغول خلف المكاتب المكيفة بكيفية تمرير مخطط رفع أسعار المحروقات لتُناطح السعر العالمي تحت شعار مصلحة المواطن ..فتارةً يتم رفع السعر بحجة منع التهريب , وتارة بحجة القدرة على تأمينها , وتارةً بذريعة أنه حل بديل عن طباعة عملة جديدة , وتارةً أنه أفضل حل لمكافحة الفساد في توزيع المحروقات وووو .. حجج وذرائع تؤكد أن خداع الناس أسهل من اقناعهم أنه تم خداعهم .
بينما تلامذة وطلاب المدارس يردّدون كلمة الاشتراكية في شعارهم الصباحي هناك من يتسلّى ويعبث بملف "الدعم" والمحروقات وكأنه حجر العثرة الوحيد نحو سورية "الأحلى" .. عبث تواكبه دعوات شعبية أيضاً لرفع "الدعم" وبالكامل شرط رفع الأجور والرواتب لتوازي مثيلاتها العالمية .. عبث تصرّ من خلاله الأقدار المشاكسة أن ترينا كم من السهل التلاعب بنا .
هناك من يقول أنه بعدما اختفت الكهرباء لجأ الكثيرون إلى المولدات التي تستخدم البنزين والمازوت لكن رفع أسعار هاتين المادتين إلى نحو 3600 ليرة لليتر الواحد سيدفع إلى تحييد هذه المولدات , أي ربما هي خطوة جديدة لإجبار الناس على شراء الطاقة الشمسية !.
بدعة توزيع دعم نقدي لمستحقيه بعد رفع أسعار المحروقات المدعومة لتعادل أسعارها في السوق العالمية تصطدم بوجهات نظر تقول إن هذه العملية فاشلة منذ البداية لعدم وجود معايير واضحة و مقبولة تسهل تحديد الفئات التي سيتم استثناءها من "الدعم" , فضلاً عن غياب قواعد بيانات محدثة ودقيقة وشفافة يمكن الاستناد عليها , فيما يرى كثيرون أن معايير الملكيات أو السجلات وما شابه تُعتبر متغيرة ولن تكون مفيدة أو عادلة .
هذه البدعة المزعومة لمنع الفساد في توزيع "الدعم" تشبه "قانون لافوازييه" القائل إن الفساد لا يفنى وإنما يتحول من شكل إلى آخر أكثر مدنية بعد افتضاح أساليبه التقليدية .
بالمحصلة .. في الوقت الذي تؤكد فيه جميع التقارير أننا بلد يعوم على بحر من النفط والغاز لماذا على مواطننا أن يخشَ برد الشتاء ؟ لماذا عليه أن يدفع بالسعر العالمي ؟ .. لماذا لا نبحث عن موارد تعزز "الدعم" بدلا من البحث عن بدع للتملص منه؟ .
يقال ..من الخطير أن يُصبح الأمل شعلة إما أن نحترق بنارها أو نطفئها ونعيش في الظلام .