لا تسأل السوري ماذا يؤلمه بل ماذا لا يؤلمه !!..
الساعة 25: نضال فضة
هناك يسأل الناس بعضهم هل من حياة أخرى بعد الموت , بينما هنا يسأل الناس بعضهم هل كنت على قيد الحياة قبل الموت ؟ .. هل كنت على قيد الحياة وأنت تخوض كل أنواع الحروب ..حربٌ مع الإرهاب وداعميه والحصار , حربٌ مع الوطنجيين والمتملقين والفُجّار .. حربٌ مع الظروف و مع جميع الحمقى الذين خلقوها ولا يريدونها أن تنتهي ..
يسألون .. كيف يمكن لمن لم يعش ويلات الأزمة أن يدرك حقيقة وعمق معاناة الآخرين وتفاصيل معركتهم مع متطلبات حياتهم اليومية ؟.. معركة مجبور أحياناً أن تكون فيها شخصاً آخر .. معركة خالية من الشجاعة التي وُهِبت لنا للتخلص من الضغوط .
يسألون .. لماذا على البعض تجاوز القوانين والاخلاق للتمكن من "احترام" حماقة البعض الآخر ؟.. لماذا الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي لا يريد أن يصدقه الآخرون ؟ .. لماذا هناك من لا يستوعبون الصراحة وتلسعهم الحقائق ويهاجمون من ينتقد تلونهم ؟.
يسألون .. لماذا هناك من يصرّ على الخلط في بين المكر والحكمة.. بين الإدارة السيئة والقدر ؟.. لماذا هناك من يعتقد أنه يمكن إجبارنا على تحويل الأزمة وتداعياتها إلى وطن نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته ؟.
يسألون .. لماذا هناك من لا يريدنا الوصول إلى حقيقة أن الرجولة هي حسن استخدام الوسائل للغايات الخيّرة .. أن الحياة ليست امتلاك اوراق الحظ بل إجادة اللعب بالخاسر منها .. أن التعبير عن المشاعر الصادقة لا يحتاج إلى دوس في اللّغة بل إلى أحاسيس بالغة .
في خضم هذه التساؤلات, لا تسأل السوري ماذا يؤلمه ..كل شيء فيه يؤلمه طالما بلده مجروحة ولن يخف ألمه حتى تلتئم جراحها .
بالمحصلة .. بالرغم من قسوة الظروف في هذه الحياة القصيرة التي جعلتها المصائب طويلة إلا أنه يمكننا تعلُم الكثير من دروس الحياة إذا لاحظنا أن رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار.. تعلُم أن الحياة لا طعم لها بلا أمل .... أن الحياة تبدأ عندما نزيح جانباً الأنا الخاصة بنا، ونفسح المجال للعطاء والرغبة بالخير للآخرين.. تعلم الثقة أكثر ببلدنا وبالقدرة على تجاوز الأزمة .. أن اليأس لا يليق بكبار النفوس.
بالمحصلة أكثر .. بينما المتشائم لا يرى من الحياة سوى ظلها ,هناك أناس نحدثهم عن اليأس يحدثونك عن الأمل هؤلاء من نحتاجهم بالقرب منا دائماً.