لماذا "المواطن" لا يحترم 99 % من "المسؤولين" ؟!..
طلب مني أن أساعده بتأمين لقاء مع أحد المسؤولين .. قلت له لماذا لا تذهب وتطلب ذلك بنفسك .. قال : لقد حاولت كثيراً "لكن على ما يبدو المعترين أمثالنا ما حدا بيرد عليهم" .. حينها لم أستطع الإفلات من حقيقة أن العلاقة بين المسؤول والمواطن في بلدنا مهترئة متوترة منذ الجاهلية الأولى .. حقيقة التاريخ الذي سيذكرأن مشكلتنا لم تكن الأفعال القذرة لبعض المسؤولين وإنما طيبة الناس .. حقيقة أن المنصب لا يعطي امتيازاً أو يمنح قوة وإنما يفرض مسؤولية.
المواطن يخاف من المسؤول .. يخاف من الصد والنهر والتجريح والتقريع والغطرسة وعدم الاحترام وأحياناً قلة الذوق .. يخاف من المساومة على بقايا الرزق والمال وماء الوجه .. أما تاء التأنيث المحترمة تخاف المساومة على عرضها وطولها وارتفاعها وعمقها .. هذا المواطن الذي يتصدر تصريحات المسؤولين يشعر اليوم بالغبن والظلم وأنه تحت سلطة كراسي بلا "مسؤولين" .
لأن العبادة هي محاولة للتواصل مع القوة الإلهية .. لأن في التواصل مع بعضنا يجب أن نغضب من بعضنا البعض في بعض الأحيان .. ولأن العلاقة بين المسؤول والمواطن معادلة وطنية بسيطة لكن تم تعقيدها بفعل فاعل ..لأن ولأن فمن الغباء أن تتجاهل الحكومات ضرورة تنظيف سلالها من "التفاح" الفاسد ..
من الغباء أن ينظر بعض المسؤولين للمواطن على أنه متسول للخدمة.. من الغباء أن المسؤول ما يزال يؤدي دوره بصفته صاحب سلطة وليس بصفته مؤتمن على تقديم الخدمة .
بالطبع حين يصل شخص فارغ "ما" إلى كرسي "ما" بفضل واسطة "ما " أو مبلغ "ما" أو وسيلة أخرى "ما" فلن يستطيع هذا الـ "ما " إدراك معنى المسؤولية وواجباتها أو معنى المواطَنة وحقوقها.. حين يتم تضخيم المسؤول ولا يجد من يحاسبه فلن يكون للمواطن مكان ضمن الحسابات .. حين يعتاد المسؤول على تصنيف المراجعين إلى درجات ولا يستقبل إلا الصنف كامل الدسم فلن يتجرأ المواطن خالي الدسم من طرق الباب.. حين يكون المسؤول غير مسؤولاً فإن الخاسر الوحيد هو المواطن .
ويتساءل البعض هل بالفعل بعض المسؤولين يعلمون تماماً أنهم فارغين وجاهلين لذلك يبتعدون عن التواصل مع المواطن خوفاً من افتضاح أمرهم. . فيما يتساءل أخرون باعتبار أن المواطن يمكن أن يصبح مسؤولاً, هل المسؤول يمكن أن يعود مواطناً ؟ .. هل غالبية المسؤولين في بلدنا يستحقون صفة مسؤول ؟.
بالمحصلة وباختصار من المفترض أن طبيعة العلاقة بين المواطن والمسؤول يجب أن تكون محسومة وخاضعة للأنظمة والقوانين ولا تحتاج إلى وساطات أو استجداء أو تبرير أو هدر للكرامات ..
يقول أفلاطون " إن الشخص الصالح لا يحتاج القوانين لتخبره كيف يتصرف بمسؤولية أما الشخص الفاسد فسيجد دائماً طريقة ما للالتفاف على القوانين" .. ويقول آخر إن الميزة الوحيدة التي تجمع بين الناجحين في العالم تكمن في قدرتهم على تحمل المسؤولية .
الساعة 25: نضال فضة