2022 Feb 11

هل علينا الاعتذار من أولادنا لما فعلناه بالبلد ؟!!..

الساعة 25: نضال فضة

عندما يُقال أن أسهل طريقه لقراءة مستقبل الشعوب هو تصفّح أطفالهم ينفجر في مخيلتنا سؤال مفاده , ماذا يمكن أن نقرأ على وجوه أطفال يمشون في جنازة مستقبلهم ؟ .. وهل علينا اليوم الاعتذار من أولادنا لأننا لم نكن على قدر المسؤولية تجاه بلدنا ؟.

هل علينا الاعتذار منهم لأنّنا حرمانهم طفولتهم وشبابهم و ربما قضينا على مستقبلهم الذي من المفترض أن يقضوا فيه بقية حياتهم بكرامة .. لأننا لم نكن على قدر المسؤولية تجاه حماية بلدهم من تلك الوحوش العابرة للحدود ومن حيتان المال وفئران السفينة .. لأننا لم نمنع أولاد الحرام من تلويث وشطب ما كتبه الرجال.

هل علينا الاعتذار لأننا لم نستطع حمايتهم من البرد والحر والظلام والجوع ووو؟ .. لأننا كنّا نتعامى ونتغابى حين كانت تخفق قلوبهم لسندويشة شاورما أو قطعة حلوى أو سترة أو حذاء بينما أقدامهم تقاوم مشاعرهم وهي تشق السوق بتثاقل مُحاط بألف إشارة تعجب واستفهام .

هل علينا الاعتذار ونحن لا نعلم كيف يمكن إقناعهم أن الدراسة هي مفتاح النجاح والمستقبل الواعد , في وقت يعيش غالبية أصحاب الشهادات العليا وخريجي الجامعات فقراً مدقعاً بينما اللصوص والعاهرات و معظم الفاشلين دراسيا يعيشون الرخاء و الثراء.. كيف يمكن إقناعهم أنه في سباق الحمير حتى الرابح يبقى حماراً ؟.

هل علينا الاعتذار لأننا لم نستطع أن نفسّر لهم لماذا الشعارات التي يرددونها صباحاً في مدارسهم , لماذا المبادئ السامية التي يقرؤون عنها في مناهجهم المدرسية لاوجود لها على أرض الواقع .. لماذا العدالة مازالت نائمة في مجلدات على رفوف يُزّين بها "حرّاس القانون" مكاتبهم .. لماذا الذين يعتقدون المال كل شيء يعملون من أجله كل شيء ؟!!.

هل علينا الاعتذار لأننا لم نكن قدوة صالحة حيال حقيقة "الدين لله والوطن للجميع" ,لأننا لم نكن أخوة حقيقين من الشهباء إلى حوران , من الساحل إلى الجزيرة , من السماء إلى الارض .. لأننا لم نمنع اتباع أبو لهب وهولاكو و سايكس و بيكو من دقّ أسافينهم المسمومة في أرض الانبياء وأم التاريخ .

هل علينا الاعتذار ونحن نعلم يقينا أن كلاً منّا شارك بشكل أو بآخر عن قصد أو غير قصد بما آلت إليه أوضاع البلد .. ونحن نعلم أن الطريقة الوحيدة للتنبؤ بالمستقبل هو القدرة على صناعته.. ونحن نعلم أن المستقبل يصنعه الرجال فقط بالقلم والعمل والمنطق والتسامح والمحبة واحترام رأي الاخر .. ونحن نعلم أننا نتعامل مع جيل ذكي ,ومع عقول ارتدت أفضل الملابس بدون أن تعرف أين ستذهب .

هل علينا الاعتذار بنيّة صادقة معترفين بالأذى الذي لحق بهم, أم هناك أخطاء لا يجدي معها الاعتذار .. وهل كما يقال إن الاعتذار يزيل نصف الوجع والنصف الآخر تحتفظ به الذاكرة بصمت .

بين الاعتذار وعدمه أخشى أن تلحق مخاوفنا بمخاوف محمود درويش حين قال : أيها المستقبل لا تسألنا من أنتم وماذا تريدون مني فنحن أيضاً لا نعرف...