2022 Feb 25

أين الدولة مما يحصل داخل الدولة ؟ ..

الساعة 25: نضال فضة

أين الدولة؟ .. أين هي من هؤلاء الذين ينتحلون شخصيتها و يتقمّصون دورها وهيبتها وقداستها؟ .. الذي يتلاعبون جهاراً وبكل وقاحة بقوت العباد .. أين هي من تجار التواقيع والأختام .. من قراصنة وقطاع الطرق .. من الذين يعتقدون أنفسهم القانون ووكلاء الله في البلاد .. أين الدولة من أوجاع وجراح أبنائها , وإلى أين تسير أوضاع البلد؟ .

هي تساؤلات كل سوري داخل البلاد وخارجها .. من يشتري جوازاً للسفر او كفناً للقبر .. الحمقى الأصليون و"المزيفون" ..المتفائلون واليائسون .. الناسكون وعشاق ماء العنب باليانسون .

تساؤلات أناس فقدوا الثقة بالمنظومة الحكومية وأملهم الوحيد اليوم منظومة الدولة , هذه المنظومة التي بالرغم من كل ما يحصل ما يزال لها وقع خاص في النفوس , وقع لا يخلو من الثقة والأمل ..

أين الدولة من هؤلاء الذين يعملون لصالح شبكات رأس المال الخاص لكنهم يصوّرون ذلك على أنه من أجل الصالح العام ؟.. من هؤلاء الذين يعتقدون أنهم وحدهم فقط من متاح لهم "شرف" الكذب باسم مصلحة البلد .. من هؤلاء الذين يصرّون على أنه غير مبرر لنا الخوف من الباب الذي له مفاتيح كثيرة ؟.

ما أجمل الدولة التي تؤمن أن هيبتها من هيبة أبنائها وعزيمتها من عزيمتهم وكرامتها من كرامتهم .. الدولة التي "لا تغضب" بل تفرح من أبنائها الذين يقفون بوجه الفساد وأدواته .. الدولة القادرة على التمييز بين من ينتقد الأخطاء محبّة وغيرة وطنية وبين من ينتقد من منطلق الحقد والتحريض خدمة لأعداء البلد .. الدولة التي تنبذ المتملقين والمتسلقين والوطنجيين المنافقين ممن لديهم الاستعداد لأن يكونوا محارم "كلينكس" في سبيل مصالحهم الشخصية .

ما أجمل الدولة القادرة على إفهام أصحاب التواقيع أن القانون يصبح مخيفاً عندما يتم تطبيقه بشكل انتقائي وأن الشعب يكون قوياً عندما تكون للقوانين قوّة منبعها العدالة .. إفهامهم أن الأنانية تولّد الحسد والحسد يولّد الكراهية , والكراهية تولّد الخلاف الذي بدوره يولّد الضعف الذي يولّد الذل الذي يؤدي إلى زوال النعمة وهلاك البلد .

ما أجمل الدولة التي تدرك أن الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها ويمكن أن تصاب بإنفصام الشخصية .. تدرك أن الفقر هو أخو الجهل والمرض وأنه متى التقى الثلاثة كفر الناس ببلدهم وماتت كافة مشاعرهم حتى الوطنية .

كم من المؤلم الوصول إلى حالة تتظاهر فيها الدولة أنها تريد وهي حقيقة لا تريد , إلى حالة يتظاهر الناس أنهم يريدون بينما هم في قرارة انفسهم لا يريدون.

بالمحصلة .. نحن أناسُ نحب بلدنا ونفديه بأغلى ما لدينا عند نداء الواجب ولا نسمح لأنفسنا أن نكون أداة تخدم أعدائه , لكن بالمقابل وكما يُقال اختلاف الرأي يجب ألا يفسد للود قضية , فالشجاعة ليست أن تقبل الرأي الذي يعجبك وإنما أن تقبل الرأي الآخر .. و يُقال بعض القول فن فاجعل الإصغاء فناً.