ارفع سقفك يا وطن كي نستطيع تحته أن نرفع رؤوسنا..
الساعة 25:نضال فضة
بالرغم من أن كل الحرية الموجودة في بلدنا لا تكفي مواطناً حقيقياً واحداً , لا تكفي كاتباً هاوياً أو صحفياً مبتدءاً , بالرغم من ذلك فقد أثار الحديث عن إعادة تسليح قانون الجرائم الالكترونية الذعر في شارع يعلم أن القوانين التي تلجم الأفواه وتحطم الأقلام تهدم نفسها بنفسها .. شارع مستاء ممن يحاولون اختصار الرأي العام في قانون يضعونه في علبة يضعونها في جيوبهم .
المادة 42 من الدستور تقول إن لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحريةٍ وعلانية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة , فيما تنص المادة 33 على أن الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم .. وهنا يتساءل البعض أليس تجاوز الدستور والالتفاف عليه من خلال اجتهادات مخالفة له سلوك ينال من هيبته أي من هيبة الدولة ؟.
حان الوقت لإدراك أن التفكير القديم في عصور جديدة عواقبه مكلفة .. إدراك أن المستفيد الأول من اتساع هامش الحريات الصحفية والإعلامية هي الحكومات نفسها .. إدراك أن الحكومات الصالحة تتكلم فيها القوانين العادلة وليس رجالات هذه القوانين .. .. إدراك أنه لا يمكن إقناع الناس بما هو غير مُقنع .. حان الوقت لإدراك أن شبكات التواصل الاجتماعي تقدمت لملء الفراغ الإعلامي الذي تركته وسائل إعلام لا تجرؤ على تناول الكثير من الملفات الجوهرية .. حان الوقت لإدراك أن الشجاعة ليست أن تقبل الرأي الذي يعجبك بل الشجاعة أن تتقبل الرأي الآخر ..
ويبقى السؤال ..هل انتقاد أخطاء وفشل الحكومات وتسليط الضوء على مسؤولين فاسدين فيها جريمة ؟ .. إذا كان انتقاد الفساد وأدواته جريمة تنال من هيبة الدولة وتوهن عزيمتها , فماذا يمكن تسمية أفعال الفاسدين وخاصة الرسميين ؟ ..أم أنه كما يُقال إذا انتقدنا الحكومات فهذا جناية وجريمة وإذا كذبت علينا فهذه سياسة .
على من يعنيهم الأمر التمييز بين الإضاءة على الفساد والتخريب وأدواته وهو الأمر الذي يُعتبر واجباً وطنياً وبين التشهير الشخصي والتحريض ضد الدولة خدمة للأعداء وهو الأمر الذي نقف ضده وبكل الوسائل .. نقف ضده مثلما نقف ضد كل من يريد أن ينال من مكانة المؤسستين العسكرية والأمنية اللتين قدمتا آلاف الشهداء لتخليصنا من قطعان الإرهابيين .. مثلما نقف ضد كل من يريد أن يتاجر بمعاناة الناس .
على من يهمهم الأمر يهم إدراك أن الفساد والفقر والجوع والبرد والرواتب المريضة والركض خلف وسائل النقل وتردي الخدمات بشكل غير مسبوق ووو ... هي الأمور التي تنال من إنسانية المواطن , أي من هيبة دولته .. إدراك أن قيام أي مواطن وخاصة الإعلامي بتصويب كلماته وقلمه نحو بؤر الفساد لا يقل أهمية عن قيام الجندي بتصويب سلاحه على بؤر الإرهاب .
البعض يقول وما دليلك أن هذا المسؤول فاسد .. أقول نحن لسنا رجال استخبارات كي نحصل على الأدلة القاطعة كالوثائق بمختلف أنواعها وأشكالها , بل غير مطلوب منا أن نقوم بمهام غيرنا , وإنما القضية أشبه بالتيار الكهربائي الذي لا نستطيع رؤيته لكن نستطيع أن نرى ونلمس آثاره , والتلميح يغني عن التصريح .
وحدها العقول السطحية تتقدم من الفكرة ببطء بينما العقول المسيئة للظن فهي دائما لا تستوعب النوايا الحسنة , ولذلك أُكرر وأُكرر ما قاله أحدهم .. " أيها الوطن ارفع سقفك كي أستطيع تحته أن أرفع رأسي ".