الاعلام الوطني ليس وجهة نظر ..
الساعة 25:نضال فضة
عندما يُقال ما أصعب العيش في وطن لا يُحسن إدراك من أنت , هل أنت ابنه أم أنك عدوه .. حينها تدرك لماذا لا يستطيع أو لا يريد البعض التمييز بين الإعلام الوطني والإعلام الأصفر , بين النقد البنّاء والنقد الهدّام .. تدرك لماذا الأم والوطن لا يمكن المزاح فيهما فهما مقدسان .
الاعلام الوطني هو صورة ولسان حال الإعلامي الوطني و له صفات واضحة و بوصلة محددة الاتجاه .. إعلام يؤمن أن حرية التعبير والإعلام ليست رخصة للتشهير والتحريض وقول أي شيء يرغب به المرء , لكنه يؤمن في نفس الوقت أن أكثر القوانين سوءاً هي التي تجعل من الآراء المنطقية العقلانية جرائم .. إن القوانين التي لا تواجه وبحزم الفاسدين تهدم نفسها بنفسها .... يؤمن أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وأن الشجاعة ليست أن تقبل الرأي الذي يعجبك بل أن تتقبل الرأي الآخر .. يؤمن أن المستفيد الأول من اتساع هامش الحريات الاعلامية هي الحكومات نفسها .
الإعلام الوطني يؤمن أنه ليس من الضروري أن نحفظ أناشيد الوطن بل الاقتناع أن الدين الله والوطن للجميع , وطنٌ كل سكانه أهل وجيران وخلاّن.. أن المجتمع الذي يجهر بالحق ويجترئ على الباطل تمتنع فيه أسباب الفساد .. أن قيمة الوطن أن تجد فيه العدالة والاحترام أكثر من أي مكان أخر.. يؤمن أنه إذا نشب حريق في بلدنا فعلينا التكاتف لإطفائه دون السؤال عما إذا كان السبب من الداخل أو من الخارج .
هذا الإعلام لا يسمح لأحد أن يتطاول على الوطن ويؤمن أن سيادته و وحدة وسلامة أراضيه خط أحمر.. يؤمن أن عدم رضاك عن أداء الحكومات لا يبرر الالتحاق بأي جهة معادية لبلدك حتى ولو كان هذا البلد مجرد مكان تنام على رصيفه .. أن اجتماع السواعد يبني البلد واجتماع القلوب يخفف المحن .. أن الموت دفاعاً عن الوطن شيء جميل ولكن الأجمل أن نحيا من أجله.
هذا الإعلام بوصلته المنطق و دستور البلاد وهموم وغذاء ولباس و دواء وأمن الناس .. بوصلته تضحيات و دماء الشهداء من الجيش والأمن والمدنيين وأولئك الرجال المرابطين في الجبال الصحاري ,في البرد والحر , في كل مكان كي ننام بأمان .
هو إعلام غيور على المبدعين والمميزين والعقول النيرة الواعدة وحريص على ألا يغادر أي منهم البلد الذي يحتاجهم اليوم أكثر من أي وقت مضى للخروج من الأزمة ولاحقاً في البناء المنشود متعدد الأشكال .
بالمختصر .. هذه من أساسيات العمل الإعلامي الوطني الذي هو من حيث الجوهر والأهداف غير إعلام المتملقين والطبول والأبواق والأقلام المأجورة .. غير إعلام الوطنجيين والمنافقين وكل من يصيد في الماء العكر لأجل مصالح ضيقة .. أساسيات تؤكد أن للعمل الوطني أياً كان شكله ونوعه أدبيات وأصول وقواعد بوصلتها المصلحة العامة .. أن العمل الاعلامي الوطني لم ولن يكون يوماً ما مُجرد وجهة نظر .