العيد بدون مصاري ولحم وحلويات مجرد ورقة في روزنامة !!..
جلس رجل أعمى على الطريق حاملاً قبعته بيديه وبجانبه كرتونة مكتوب عليها (أنا أعمى أرجوكم ساعدوني ) .. أحد المارة رأى القبعة لا تحتوي سوى بعض النقود , ودون استئذان أخذ الكرتونة وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها إلى مكانها ومضى في طريقه .. الأعمى لاحظ أن القبعة إمتلأت بالمال فعرف أن شيئاً قد تغير فسأل عمّا هو مكتوب على الكرتونة فكان : ( نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله).
نعم نحن في العيد لكننا لا نستطيع رؤية جماله .. لا شيء يوحي أننا في العيد سوى الروزنامة والبلاغات الرسمية والكم الهائل من النفاق على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
العيد الذي هو دعوة الخالق للناس لكي يفرحوا أصبح منذ 12 عاماً مجرد عطلة رسمية تمنحنا فرصة إضافية لعمل إضافي يجلب بعض المال يُدغدغ بطون ملّت التسويف و الكذب.. العيد اليوم يعني المزيد من الاضطهاد للبسطاء الضعفاء . العيد اليوم يعني من حق التجار وفقاً " للتقاليد " تحصيل العيدية من خلال رفع إضافي للأسعار تباركه جهات رقابية تصلها حصتها اتوماتيكياً بقوة النفوذ .. العيد اليوم يعني أن يتعرض رب الأسرة لكم هائل من الإحراج و الإذلال أمام أسرته وأهله وجيرانه وأصدقائه وزملائه والمحتاجين حيث لا يستطيع تلبية أبسط الواجبات .
العيد اليوم يعني عطلة و ذريعة رسمية جديدة لعدم تزويد وسائل النقل العامة بالمحروقات .. يعني المزيد من سرقات المخصصات و بهدلة المواصلات .. العيد اليوم يعني تعطيل مصارف بالأساس مُعطّلة وخروج غالبية الصرّافات عن الخدمة .. يعني حرمان الناس من حصولهم على مستحقات مالية لا تستطيع أن ترفع رأسها حتى أمام كيلو حلويات مغشوش .. العيد يعني يحق لبعض عناصر المرور وفقاً "للأعراف " إيقاف أي سيارة نقل عامة وإجبار السائق " حباً و طوعاً " على دفع العيدية ..
في العيد يحتار الأب إلى متى يستطيع الكذب على أطفاله أن تناول الحلويات يؤدي إلى تسوس الأسنان , أن اللحوم مضرة بالصحة , أن اللباس الجديد لا يصنع طفلاً جميلاً , أن اللعب في المراجيح خطر . العيد الذي من المفترض أنه يوم فرح وفرصة للترويح عن النفس ونسيان الهموم أصبح للأسف وبفعل فاعل مناسبة لتعميق الجراح وتوسيعها .. مناسبة لممارسة طقوس اكتئاب العيد.
بالمحصلة .. العيد يبقى ونحن من نتبدل .. العيد من دون لمّة الأهل ومصاري ومشاوير ولحم وحلويات وتبولة وووو لن يكون أكثر من مجرد ورقة في روزنامة منتهية الصلاحية.
الساعة 25: نضال فضة