المواطنون غير مسؤولين عن دفع فاتورة علاج أمراض حكوماتهم ..
الساعة 25: نضال فضة
عندما يقول "المسؤول" : أخي المواطن عليك تَذكُر قصة هابيل مع أخيه قابيل .. عليك تَذكُر حوادث الطعن التي يتعرض لها البيان الوزاري بعد أيام قليلة من ولادته .. عليك تَذكُر أن هذا المواطن صار مجبراً على علاج أمراض الحكومة على نفقته الخاصة .. تَذكُر أن الهدف الذي يحتاج إلى وسائل غير صحيحة ليس بالهدف الصحيح .. تَذكُر أن من حقوق المواطن ألا يتم تجويعه أو إهانته إلا بإشراف حكومته .
الحكومة في بيانها الميمون اقسمت بما آمنت به العرب إنها ستسهر على راحة وخدمة الشعب والحفاظ على حقوقه وأمنه وحريته الشخصية , لكنها لم تقل كيف وأين ستسهر ومع مَن ولأي ساعة , متناسيةً أن الناس قد يشكّون بما تقول لكنهم سوف يؤمنون بما تفعل .. متناسيةً وعود أشبه بقبقة دجاجة وهي تبيض , تملأ الدنيا صياحاً حتى تظنها ستبيض قمراً اصطناعياً وليس أحد مكونات صحن عجّة .
قالت في بيانها : إن تحسين مستوى معيشة المواطن هو هاجسها الأهم وإنها مستمرة باتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها تحقيق ذلك الهدف سواء من خلال الزيادات المدروسة للرواتب والاجور أو متمماتها , ومن خلال تخفيض تكاليف المعيشة , وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية , وضبط الأسواق والأسعار وعقلنة الدعم وإيصاله إلى مستحقيه .. قالت وقالت ونكصت خلال أيام بعهودها حتى صار لدينا بعض القواعد التي نلتزم بها بشكلٍ يومي وأهمها هو ألّا نصدّق أي شي تخبرنا إياه الحكومة ..
الحكومة رصدت موازنة مالية غير مسبوقة للعام القادم تجاوزت اعتماداتها الاولية 13325 مليار ليرة , منها 5529 مليار ليرة "للدعم الاجتماعي" الذي كان في موازنة العام الحالي 3500 مليار ما يعني نظرياً زيادة في الدعم , لكن الزيادات التي طالت معظم المواد المدعومة والتصريحات الحكومية الأخيرة تشير إلى عكس ذلك حتى أصبحت تزعجنا المصيبة التي تهددنا أكثر من تلك التي أصابتنا بالفعل .
ثم لماذا تسميه الحكومة دعماً اجتماعياً طالما هو بالأساس من جيوب المواطنين .. أليس الأحرى أن نسميه دعم المواطن للحكومة ؟.. ثم منذ متى الشعوب مسؤولة عن عن تغطية تكاليف علاج أخطاء وفشل حكوماتها ؟.. لماذا كل ضائقة مالية حكومية يجب أن يكون كبشها المواطن ؟ لماذا لا تبحث هذه الحكومات عن مصادر تمويل غير الرسوم والضرائب ورفع قيمة الخدمات وتخفيض "الدعم"؟ .. لماذا لا تخلق جبهات عمل جديدة لاستثمار مئات الآلاف من العمال ممن لا عمل لهم في مؤسساتهم؟ .. وماذا عن استمرار تحييد وتجميد مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية ؟ ماذا عن مناجم الفوسفات وحقول النفط والغاز ووو؟ .. إلى متى سنبقى نعلّق كل شيء على شماعة الظروف السياسية والاقتصادية ؟ .. الحكومات التي تحتال على مواطنيها تحت مسميات عدة ألا تستطيع الاحتيال على هذه الظروف بما يؤمن على الاقل احتياجاتنا المحلية من الغذاء والطاقة ؟.
وهنا استغرب أنه عندما يسلّط الإعلام الضوء على مشكلة ما , هناك من يطالبه بعدم "الثرثرة" وتقديم الحلول ! .. مَن قال إن الاعلام ملزم بتقديم الحلول .. ماذا يفعل هؤلاء المسؤولون ومستشاروهم ممن ارتفعت أنوفهم إلى السماء وكروشهم إلى أذقانهم ؟ .. إن كانوا غير قادرين على اجتراح الحلول , فلماذا مازالوا على كراسيهم ويتم إنفاق مبالغ ضخمة عليهم ؟ .. إن كانوا غير قادرين على إدراك أن نجاح القرار يعتمد على أمرين هما المعلومات الدقيقة والعقل الذي يصنع هذا القرار فإنني وللمرة الألف أؤكد أنه ليس هناك أخطر من وضع القرارت بيد اشخاص لا يدفعون ثمن أخطائهم .
هذا الشعب يحبّ بلده وصابر , ويجب على الحكومة ألا تفهم صبره على انه قبول أو غباء أو ضعف , هذا الصبر الذي يجسد ذروة الوطنية , هو لقطع الطريق أمام أعداء الخارج والداخل ممن يجتهدون في حصار البلد أملاً بتأجيج الوضع وإثارة البلبلة وركوب الموجة مرة أخرى .. هذا الشعب لن يهدر تضحيات جيشه ودماء شهدائه ويعرف تماماً الفرق بين الوطني و الوطنجي .. بالمقابل على أصحاب القرار ألا يخطئون في قراءة حرارة شارع أحزنه اضطرار العاقل للعيش وفق قرارات وضعها بعض الحمقى من أجل معظم الحمقى .