بيت وسيارة وعروس بحركة واحدة ؟!!
توقف شاب ثلاثيني عند بائع أوراق اليناصيب وسألة فيما إذا كانت قيمة الجائزة تشتري بيتاً ؟.. البائع كان ذكياً وماكراً وقال : عندي نوعين من البطاقات الأولى للسحب العادي والثانية بمناسبة افتتاح معرض دمشق الدولي .. الأولى قيمة جائزتها 50 مليون ليرة وتشتري لك بيتاً صغيراً في مناطق المخالفات والثانية بقيمة 300 مليون ليرة تمكنك من شراء بيت مقبول وسيارة جيدة والفوز بعروس خمس نجوم .
وبالرغم من أن ثمن البطاقة الثانية كان غالياً إلا أن عرض البائع كان مغرياً و دفع الشاب لشراء واحدة وكذلك فعلت أنا رغم يقني أن فرصة الربح وفق قانون الاحتمالات لا تتجاوز واحد على مليون وضمن فرضية الحظ تحتاج إلى تدخل إلهي لكن حاولت اقناع نفسي أنه في كل يوم من حياتنا هناك فرصة يجب اغتنامها كأنها الفرصة الأخيرة .
الواقع يقول إن الشاب الموظف براتب وسطي قدره 125 ألف ليرة يحتاج - طبعاً دون أن يصرف منه شيء- إلى 40 عاما لشراء منزل بسيط في منطقة مخالفات وإلى اكثر من 250 عاماً لشراء منزل في منطقة مقبولة وإلى 650 عاماً في منطقة محترمة .
الواقع يقول إن هذا الشاب يحتاج أكثر من 20 عاماً لشراء سيارة مستعملة قديمة وإلى 50 عاما لشراء سيارة جديدة من النوع الوسط وإلى أكثر من 260 عاماً لشراء سيارة شبه حديثة .
والسؤال , هل على كل شاب يحلم بامتلاك منزل اليوم أن ينتظر الفوز بجائز يانصيب أو بفرصة سفر محترمة ؟ .. هل عليه أن يصبح لصاً محترفاً أو مجرماً أو قاطعاً للطرق ؟.. هل عليه أن يعمل بالممنوعات .. هل عليه أن يصبح متملقاً متسلقاً بلا كرامة وووو ؟.. هل عليه أن يحمل هموماً ليست مناسبة لسنه في وقت من المفترض أن يعيش أجمل أيام حياته ؟. كيف يمكن لهذا الشاب الموظف أن يفكر بشراء منزل أو الاستقرار وتكوين أسرة ؟.. كيف يمكن أن يحترم مؤسسة لا تُقدّر احتياجاته الأساسية رغم علمها بوضعه ؟ .. كيف يمكن أن يستمر بالعطاء دون مقابل عادل ؟ . والسؤال الأهم هل تدرك الجهات الرسمية تداعيات الظروف المفروضة على الشباب ؟ .. هل تدرك معنى وتداعيات عزوف سبعة أو ثمانية أجيال عن الزواج ؟ ..
تداعيات التسارع الخطير في الفوارق الطبقية .. معنى التحرك بعد فوات الأوان .. هل تدرك أن الحرب لا تقضي على آلاف الشباب فقط بل على شيء ما في الشعوب لا يمكن استعادته أبداً ؟.. أن أحلام الشباب شاخت قبل أن تنضج .. أن هناك حزن يرغمك على الكتابة و آخر يرغمك على البكاء لكن أشد الحزن هو الذي يرغمك على اليأس والرحيل حتى إلى المجهول .
الساعة 25 : نضال فضة