جميلة ومُفرحة طلائع الانفراجات السياسية والأجمل أن تحمل معها انفراجات اقتصادية معيشية عاجلة
الساعة 25: نضال فضة
الشعب الذي حيّر قذائف الهاون والصواريخ والمفخخات وعلوم المال والسياسة والعسكر .. الشعب الذي أدهش القطط والكلاب وخبراء الرغيف والزيت والسكر .. هذا الشعب عاجز اليوم عن تفسير كيف يمكن أن تؤدي مؤشرات الانفراج السياسي إلى المزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي؟! .. كيف يمكن أن يؤدي استقرار سعر صرف الدولار إلى ارتفاع كبير للأسعار؟!.. كيف يمكن أن يؤدي تزايد تعداد ونوعية اللجان والأجهزة الرقابية إلى المزيد من الفساد؟! .. كيف أصبحت الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي لا يصدقه الناس؟!.
هذا الشعب يستغرب كيف كان الدولار والأسعار خلال السنوات الماضية يقفزان بجنون عقب أي أنباء سياسية سلبية وكيف يكرران نفس السيناريو مع الأخبار السياسية الايجابية المُفرحة ..هل سالب وموجب الفيزياء غير سالب وموجب السياسة والاقتصاد .
البعض يقول إن السبب يعود إلى طابور خامس ينشط لإعادة تدوير الازمة بالاعتماد على صناعة الخوف والفقر والجوع بما يرفع درجة حرارة الشارع إلى مستويات الهذيان والغليان وصولاً إلى البلبلة و العصيان .
طابور يقتات على معاناة الناس ودم الشهداء وعرق الكادحين , ينشط لضرب الليرة والمعنويات و رفع الاسعار بشتى الوسائل كالاحتكار والتهريب والتصدير غير المبرر بهدف تضييق الخناق على مواطن أيقن أن من يعتقدون المال هو كل شيء يعملون من أجله ولأجل بقائهم أي شيء , وأن الشيطان قد يلجأ في سبيل تحقيق مآربه الى ترتيل الكتب المقدسة .
بالمقابل هناك من يعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن القرار الاقتصادي الوطني ما يزال تحت سيطرة فريق من الهواة والمراهقين المتخصصين فقط بالأكشاك والبسطات والنوادي الليلية وليس باقتصاد دولة.
وثمة من يرى أن الانفراجات السياسية وخاصة مع دول الجوار اثمرت حتى الآن عن حراك تجاري باتجاه واحد أدى إلى إفراغ السوق المحلية من السلع والمنتجات وبالتالي ارتفاع أسعارها بشكل دفع ضريبته المواطن السوري .. حراك بداعي تأمين قطع اجنبي يؤكد البعض أن البلد لا تستفيد منه شيء لأنه يلتحق مباشرة بالبنوك الاجنبية أو تستهلكه السيارات الفارهة المستوردة ..
صحيح أن الانفراجات الاقتصادية المؤثرة لا تترافق مع أو لا تأتي مباشرة عقب الانفراجات السياسية , وإنما يجب ترقبها على المديين المتوسط والبعيد , لكن منطق علوم السياسة والاقتصاد يؤكد أن الانفراج السياسي يجب أن تتبعه خلال فترة قصيرة مؤشرات اقتصادية إيجابية أقلها استقرار الأسعار ووقف التدهور المعيشي , وهذا لم يلمسه الشارع أبداً , فمنذ أشهر وطلائع الأنباء السياسية المفرحة تدخل كل بيت سوري لكن وللأسف كانت تعقبها دوما وقائع اقتصادية أشد سوءاً تؤدي تلقائياً إلى أوضاع معيشية أشد قسوة .. أخبار سياسية على ما يبدو حتى اليوم غيوم تعبر البلاد دون أن تمطر .
بالمختصر .. حذاري من الاستمرار في تشخيص الواقع ووضع الحلول بالاعتماد على أشخاص لا يعانون ظروف الحرب وتداعياتها .. حذاري من التأخير في إنعاش شارع بات عقله في بطون أطفاله .