2023 Jun 02

كم حكوماتنا محظوظة بنا .. !! .. حدا فيكم عم يفهم عليها ؟!..

كانا يقفان أمامي بانتظار معتمد الخبز عندما سأل أحدهما الآخر هل أخوك الكبير اسمه سامر .. أجابه و بكل جدية لا أخي الكبير اسمه أبو شادي .. حينها أدرك السائل أن في الأمر إن وأنهى حديثة بابتسامة ملونة والتفت إلى موبايله .. حينها ادركتُ أن ضحايا القرارات الحكومية الأخيرة دخلوا في مرحلة جديدة .. أدركتُ لماذا أعلن مشفى ابن خلدون منذ أيام عن إطلاق أول خط ساخن للعلاج النفسي .. كما أدركت أهمية ألا نتجاهل ابداً إمكانية استخدام المريض لأعراضه.

هي نفس الحالة التي يعيشها المواطن مع مسؤولي الحكومة .. هو يسأل في وادي وهي تجيب في وادي آخر وينتهي الأمر بديمقراطية لامثيل لها .. يسأل عن سبب تدهور أحوال الناس في وقت تتحسن أحوال المسؤولين مع أنهما يمران بنفس الظروف ويعيشان فوق نفس الأرض وتحت نفس السماء ولهما نفس القوانين ونفس الدستور .

المواطن يشكو من ضعف الأجور والرواتب ويطالب بزيادتها وتأتي الاستجابة فوراً بزيادة سعر صرف الأخضر وأسعار جميع السلع حتى باتت السخرية السلاح الوحيد للمغلوب على أمرهم بل الملاذ الأخير لناس يحبون بلدهم ولكن أيضا يفضلون الرحيل .

المواطن يشكو من غياب الكهرباء وتأتي الاستجابة برفع أسعارها وزيادة التقنين بالتوازي مع تلميع صورة ألواح الطاقة التي لا طاقة له فيها وكأنهم يريدون إقناعه أن من الطبيعة البشرية التفكير بحكمة والتصرف بسخافة.

الفلاح يشكو من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتأتي الاستجابة برفع أسعار البذار والاسمدة والمحروقات وكأنهم يريدون إقناعه بصعوبة اللعب مع الأقدار .

المواطن يشكو من سوء وأسعار خدمات شبكة الاتصالات وتأتي الاستجابة برفع اسعارها وتراجع جودتها وكأنهم لا يعلمون أنه حين نتعلم الاحترام يصبح من الصعب التصرف مع فاقديه.

المرضى يشكون من ارتفاع أسعار الدواء والعجز على شرائه وتأتي الاستجابة بخفض جودته ورفع أسعاره وكأنهم لا يعلمون أن لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة فقد أعيت من يداويها .

سائقي وسائل النقل العام يشكون من قلة كمية المحروقات اليومية وتأتي الاستجابة بحرمانهم من المحروقات نهائيا عدة أيام بالأسبوع في عقاب جماعي للركاب وخاصة موظفي الحكومة وكأنهم يريدون إقناعنا أن النية الحسنة عذر التصرف الأحمق.

المواطن يشكووووووووو ... ويأتي الرد أن كل حكومات الأرض بطبيعتها ليس لها ضمير لكن أحيانا يكون لها سياسة .

لاشك أن لهذه الحرب اللعينة تداعيات فوق طاقة أذكى الحكومات وأكثر الشعوب صبراً .. لاشك أن الظروف ليست مناسبة لتقديم خدمات مثالية .. لاشك أن أعداء البلد لن يسمحوا لنا بالتعافي كما نريد ولن يوفروا فرصة للضغط علينا وخنقنا .. لكن الأكيد أيضا أن الاجراءات والقرارات التي تصدر غير مبررة وغير منطقية ولا تراعي استثنائية ما نمر به ولا تحترم خصوصية البشر.

بالمحصلة وبينما يتسلح بعض المسؤولين بحقيقة أن بعض العباقرة كانوا عبر التاريخ موضع سخرية يوماً ما نقول أنه لا يعني بالضرورة أن كلَّ من هو موضع سخرية عبقري فهذا التاريخ يستغرب أيضاً لماذا بعض المسؤولين يتصرفون بعقلانية فقط عند استنفاذ جميع الفرص وغالباً بعد فوات الأوان.

بالمحصلة أكثر كل الناس يزعمون أنهم يعلمون كل شيء .. يزعمون أنهم يعلمون حقيقة ما يجري .. لكن أيضا يزعمون أنهم "خجلانين يحكو" .

الساعة 25: نضال فضة